ومن ذلك اليوم بدأ بينه وبينهم حلف الشيطان . وكان لا بد من حرب جديدة يصلاها عرب يثرب ، تصفية ليوم بعاث . والامر في مثلها لا يعدو انطلاق شرارة من هنا أو من هناك ، تؤجج ضرام الجذوة التي لبثت متقدة قرونا ، تلتمس بين حين وآخر من ينفخ فيها ، لتستعر بوقود من رجال الأوس والخزرج . وقد كان الخزرجيون أصحاب الثأر لبعاث ، ومن هنا كان سعي الأوس إلى مكة التماسا لحلف قريش على الخزرج . ومن حيث توقعت يثرب أن تلتهب الجذوة بشرارة هذا الحلف ، وألقت عاصمة الشمال سمعها إلى مكة في انتظار عواقب المفاوضة بين وفد الأوس وزعماء قريش . جاءت المعجزة من هناك فأطفأت الجذوة وبددت رمادها هباء منثورا . وكان عجبا من العجب ، أن تأتي ( يثرب ) بشرى السلام من مكة ، في الوقت الذي بلغت فيه معركتها بين الاسلام والوثنية ذروة احتدامها . وحين هم التاريخ بأن يضيف حربا جديدة إلى الحروب التي مزقت الأوس والخزرج ، وقف بعد بيعة العقبة الكبرى فطوى الصفحات الداميات التي خضبت حياة يثرب قرونا ستة ، ليبدأ صفحة جديدة بآية الاسلام التي من الله بها على المؤمنين الأنصار ، فأصبحوا بنعمته إخوانا .