وتوقعت يهود ، بل توقعت يثرب كلها والحجاز ، أن يكون لهذا الامر ما بعده . بعد إسلام ( سعد بن معاذ ) وكل قومه من بني عبد الأشهل ، فشا الاسلام في يثرب فما من دار للعرب هناك ، إلا وفيها للدين الجديد ذكر . وأهل موسم الحج ، لاثنتي عشرة سنة بعد المبعث . وخرج إمام يثرب ( مصعب بن عمير ) ساعيا إلى أم القرى ، يصحب رهطا من الأنصار ، فيهم من لم يكن لقي المصطفى بعد . وفي الركب اليثربي ، حجاج آخرون غير مسلمين . . ودنا الركب من مشارف مكة ، فتهللت وجوه الأنصار ورنت قلوبهم إلى لقاء نبيهم عليه الصلاة والسلام ، وهم على موعد معه بالعقبة ، في ليلة حدودها من ليالي التشريق ، دون أن يعلم بقية اليثربيين بهذا الموعد . فيما عدا ( عبد الله بن عمرو ) الذي آنس فيه الأنصار خيرا ، فأسروا إليه بموعدهم مع نبيهم المصطفى وقالوا له : ( يا أبا جابر ، إنك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا ، وإنا نرغب بك عما أنت فيه ) [1] .
[1] السيرة لابن هشام ، وتاريخ الطبري . وقد أسلم أبو جابر وشهد العقبة الكبرى ، وكان من نقبائها .