موقفها العدائي من بشر يدعو إلى دين جديد ، وما جربت على هذا الداعي كذبا قط ، وإنه فيها للصادق الأمين . والكلمات التي يتلوها من وحي ربه ، ليست مما يستطيعون أن يأتوا بمثلها . وكان الأمد قد طال على يهود في انتظار ما توقعت من حرب بمكة ، تقضي على الاسلام وتنهك قريشا ان لم تحصدها حصدا ، فتفتح ليهود أبواب أم القرى ، وتمكن لهم من النفاذ إلى المركز التجاري الأكبر في بلاد العرب . وغاظ اليهود أن تشتد وطأة قريش على المسلمين فلا ينفد لهم احتمال ولا يغلب لهم صبر ! كما غاظهم أن يطول صبر قريش على الموقف ، فتلجأ إلى المساومة والمفاوضة ، والى الايذاء والاضطهاد ، ثم إلى المقاطعة والحصار ، دون أن تتجاوز بالموقف حافة الحرب ! فمتى يفلت الزمام من أيدي المكيين فتخرج السيوف من أغمادها لتنهي الصراع الذي طال سنين ؟ في مثل هذا كانت يهود تفكر ، حين جاءها خبر من مكة عن تشاور قريش في إرسال وفد منها إلى يثرب ، يستفتي لها أحبار يهود في أمر النبي ، بما لديهم من علم الكتاب . واستعدت يهود للفرصة المواتية : شهدتهم مستعمراتهم في يثرب وتيماء وخيبر وفدك ووادي القرى . يجتمعون إلى أحبارهم ويتدارسون .