أخذ الوفد طريقه شمالا إلى مكة ، عشرين رجلا من أهل الرأي والعلم فيهم ، يلتمسون أن يلقوا نبي الاسلام ويكلموه وينظروا فيما جاء به ، بعد ستة قرون وبعض قرن ، من ميلاد المسيح عليه السلام . وفى الحرم المكي ، كان اللقاء . دنوا من المصطفى وقد أخذ مجلسه عند الكعبة ، فسألوه في دينه . وحدثهم عليه الصلاة والسلام عن الاسلام فعرفوا أنه الحق من ربهم . وتلا عليهم القرآن ففاضت أعينهم من الدمع خشوعا ، وتفتحت قلوبهم المؤمنة لتلك الكلمات تخشع لها صم الجبال . واستجابوا لله . وفى طريقهم من مجلس المصطفى إلى باب البيت العتيق ، عرض لهم أبو جهل بن هشام في نفر من طواغيت قريش ، شق عليهم أن يصدق هؤلاء النصارى ، وهم أهل كتاب ، بنبوة محمد ، فيوقعوا الريبة في نفوس العرب ، من تكذيب المشركين من قريش . قالوا لهم : ( خيبكم الله من ركب ! بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل ، فلم يطمئن مجلسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه بما قال . ما نعلم ركبا أحمق منكم ) . رد المؤمنون : ( سلام عليكم ، لا نجاهلكم . لنا ما نحن عليه ولكم ما أنتم عليه .