واشرأبت إليه قلوبهم ، وشدت أسماعهم إلى حديث الاسراء ، ولو استطاعوا لأمسكوا أنفاسهم المبهورة ، لكي يخلص إليهم صوت نبيهم في أنقى صفائه وتفرده . وانتهى الحديث ، وران عليهم صمت خاشع ، أخذهم فيه العجب كل مأخذ وهم يستعيدون فيما بينهم وبين أنفسهم حديث الاسراء ، ويحاولون أن يستوعبوا أبعاد رؤياه الباهرة ، ويتمثلوا مشاهده المثيرة . ولعلهم ما كانوا ليجرحوا هذا الصمت ، لولا أن رأوا النبي عليه الصلاة والسلام يقوم من مصلاه ، آخذا طريقه إلى حيث كان أهل مكة قد بدأوا حركتهم اليومية مع مشرق الصبح . عندئذ قامت ( أم هانئ بنت أبي طالب ) فتشبثت بابن عمها المصطفى ، تضرع إليه ألا يحدث الناس بما رأى ، لئلا يكذبوه . وتلبث عليه الصلاة والسلام يسمع ما تقول بنت عمه ، وقد أدرك ما يساورها من قلق وخوف . ثم استأنف سيره ليلقى القوم ، مسلمين ومشركين ، بحديث الاسراء . ماذا قال عليه الصلاة والسلام عن مسراه في تلك الليلة ؟ وما الذي نزل في الاسراء من آيات القرآن ؟ في صحيح الحديث تفصيل لرحلة الاسراء من بدئها في المسجد الحرام :