نام کتاب : محنة فاطمة بعد وفاة رسول الله ( ص ) نویسنده : الشيخ عبد الله الناصر جلد : 1 صفحه : 130
رَّحِيمٌ ) [1] فإن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمي دون رجالكم ، فبلغ الرسالة صادعاً بالرسالة [2] ناكباً عن سنن مدرجة المشركين ، ضارباً لثبجهم ، آخذاً بأكظامهم ، داعياً إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يجذّ الأصنام ، وينكث الهام ، حتى انهزم الجمع وولّوا الدبر ، وحتى تفرى الليل عن صبحه ، وأسفر الحقّ عن محضه ، ونطق زعيم الدين وخرست شقاشق الشياطين ، وفهتم بكلمة الإخلاص ، مع النفر البيض الخماص ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ، مذقة الشارب ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطأة الأقدام ، تشربون الطرق ، وتقتاتون القد ، أذلة خاشعين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم الله بنبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بعد اللتيا والتي ، وبعد أن مني ببهم الرجال وذؤبان العرب [3] ، كلما حشوا ناراً للحرب أطفأها الله ، ونجم قرن الضلالة وفغر فاغر من المشركين قذف أخاه في لهواتها ، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه ، ويخمد لهبها بسيفه ، مكدوداً ذؤوباً في ذات الله ، وأنتم في رفهينة ورفغينة ، وادعون آمنون ، تتوكّفون الأخبار ، وتنكصون عن النزال . فلمّا اختار الله لنبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دار أنبيائه وأتمّ عليه ما وعده ، ظهرت حسيكة [4] النفاق ، وسمل جلباب الإسلام فنطق كاظم ، ونبغ خامل ، وهدر فنيق الكفر ، يخطر في عرصاتكم ، فأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم فوجدكم لدعائه مستجيبين ، وللغرّة فيه ملاحظين ، واستنهضكم فوجدكم خفافاً ، وأحمشكم فوجدكم غضاباً ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل فوسمتم
[1] سورة التوبة : 128 . [2] في رواية النذارة . [3] ذؤبان العرب : صعاليكها الذين يتلصّصون . [4] حسيكة وحساكة : العداوة والظغن .
130
نام کتاب : محنة فاطمة بعد وفاة رسول الله ( ص ) نویسنده : الشيخ عبد الله الناصر جلد : 1 صفحه : 130