نام کتاب : ليلة عاشوراء في الحديث والأدب نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 158
يدخرون وسعا في إيقاظهم وتوعيتهم وهدايتهم ، إن كان هؤلاء أهلا لذلك ، وإلا خلوا بينهم وبين أنفسهم ، وهذا على خلاف ما جرت به سيرة الكثير من الذين يرغموا الآخرين - وإن لم يقتنعوا بهم - على الانضواء في صفوفهم وفي حمايتهم ، بالقسر والغلبة مما يؤدي بهم إلى الانخراط قهرا تحت سيطرتهم والدفاع عنهم خوفا من بطشهم وجبروتهم ، وإذا ما دافعوا عنهم تعرضوا حتما للأذى والبطش ، وإذا ما واجهوا الحرب فلا خيار لهم غيرها ، ولذا غالبا أمثال هؤلاء يقاتلون بالجبر والاكراه وليس عن قناعة من أنفسهم . وأما إذا جئت تستوحي عظمة الأخلاق وسمو الرفعة والنبل في موقف الحسين ( عليه السلام ) مع أصحابه وأتباعه تجده مثالا فريدا من نوعه في كيفية التعامل معهم ، فقد التحق بركبه كثير من الناس وهو في مسيره إلى كربلاء إلا أنه كان يطلعهم على حقيقة الامر فمن شاء التحق به ومن شاء انصرف عنه غير مكره لاحد منهم على مناصرته واللحوق به . كما أكد بهذا ونحوه على أصحاب الإبل حينما مر عليهم بالتنعيم [1] قائلا لهم : لا أكرهكم ، من أحب أن يمضي معنا إلى العراق أو فينا كراءه وأحسنا صحبته ، ومن أحب أن يفارقنا من مكاننا هذا أعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الأرض [2] .
[1] التنعيم : موضع بمكة خارج الحرم ، هو أدنى الحل إليها ، على طريق المدينة ، منه يحرم المكيون بالعمرة ، به مساجد مبنية بين سرف ومكة . مراصد الاطلاع : ج 1 ، ص 277 . [2] تاريخ الطبري : ج 4 ، ص 290 ، الارشاد للمفيد : ص 219 ، اللهوف : ص 30 ، بحار الأنوار : ج 44 ، ص 367 .
158
نام کتاب : ليلة عاشوراء في الحديث والأدب نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 158