العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، اني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه . فأيكم يوازرني على هذا الامر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ؟ " قال : فأحجم القوم عنها جميعا ، وقلت - واني لأحدثهم سنا وأرمقهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا - : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ، ثم قال : " ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا . " فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : " قذ أمرك أن تسمع لابنك وتطيع . " 22 ثم أعلم ان للحديث طرقا ومتونا أخرى ، وفيما أتينا بها من الطرق غنى وكفاية ، ولعل الفاحص المتتبع يجد أكثر مما اطلعنا عليه . وفي ختام الكلام ننبه على أمور : الأول : ان الاختصار الواقع في الأحاديث إنما هو لبعض الأسباب والاغراض : فتارة اختصر الحديث : لان مجلس إملاء الحديث كان مناسبا للاختصار ، وأخرى لان الراوي قصد من رواية الحديث التنبيه على نكتة خاصة وموضوع خاص ، وثالثة لأنه سئل عن موضوع خاص مربوط ببعض ما في الحديث ، ورابعة لعلة خوف الراوي من المستملين والمستمعين ، وخامسة ، لمنافاة نقل تمام ألفاظ الحديث مع
22 - تاريخ الطبري ، ج 2 ، ص 216 ، الكامل لابن الأثير ، ج 2 ، ص 62 و 63 ، وأخرجه في كنز العمال عن أبن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه وأبو نعيم ، ج 13 ، ص 131 و 132 و 133 ، ح 36419 .