أطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " ، فما تقولون في امراء السرايا ، وحكام البلاد ، والمفتى ، والقاضي ، مع أن الأمة اتفقت على وجوب إطاعتهم و عدم عصمتهم ؟ قلت : أولا إنهم ، وإن كانوا ممن تجب طاعته فيما علم بعدم خطأهم ، وفيما لا طريق إلى العلم بخطأهم إلا أنه لو علم بخطأهم لم تجب إطاعتهم لأنه " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ، وليس أمر امراء السرايا وحكم حكام البلاد بحيث لا يمكن تخلفه عن الواقع وفرض الخطأ فيه ، كما هو الامر في أمر النبي والامام وحكمهما ، لأنه لا يتخلف عن الواقع و دليل على الشرع والشرع يعرف به كما يعرف بغيره من مصادر التشريع . وثانيا : إن النبي والامام إذا أخطئا ليس من ورائهما نبي أو إمام ينبه على خطأهما بخلاف امراء السرايا والحكام ، فإن النبي والامام من ورائهم يحفظان الشريعة من التحريف والتغيير ، وينبهان على خطأ الامراء والعمال . وثالثا ، نقول : إما أن نقول بوجوب إطاعة النبي في جميع الأوقات ، أو يخصص عمومه ببعض الأوقات ، لا سبيل إلى الثاني فإن الأمة اتفقت على وجوب إطاعته مطلقا وفي جميع الأوقات . وعلى هذا لو فرض كون الامام غير المعصوم ، يمكن أن يقع في الخطأ في وقت ما ، و يأمر على خلاف ما أمر به النبي ، فحينئذ إما أن يجب إطاعته ومخالفة النبي ، فهذا باطل قطعا ، وإما أن يجب إطاعة النبي ومخالفة الامام ، فهو مخالف لوجوب إطاعة كل واحد منهما ، لان الله ساوى بينهما ، في الامر بإطاعتهما ، وإما أن تجب كل واحد منهما ، فهو محال وتكليف بما لا يطاق ، فلا يبقى إلا الامر الرابع ، وهو عصمة الامام كالنبي ، وعدم وقوع المخالفة بينهما . وعلى هذا ، فنقول : فرق واضح بين إطاعة الامام وإطاعة أمراء