لا يأكل . فامتناعه عن الاكل ليس عن عمد واختيار ، بل لا يصح أن يستند إليه الامتناع عن ترك الاكل - ، وبين من يمتنع عنه بالاختيار ، ويستند إليه كسائر أفعاله وتروكه الاختيارية . ولأجل هذا يقول المحقق الطوسي - قدس سره القدوس - في أفضلية الأنبياء على الملائكة : والأنبياء أفضل لوجود المضاد . وأما قوله تعالى : " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي " 28 ، وقوله تعالى : " سبحان ربي هل كنت الا بشرا رسولا " 29 ، فليس مفادهما ان إثبات صفات الملائكة لهم غلو ، ورفع عن درجة الانسان إلى درجة أعلى ، بل المراد نفي الغلو بإثبات صفات الله المختصة لهم ، وإثبات الاستقلال لهم في عرض إرادة الله تعالى ومشيته ، فهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون . ليس لهم الاتيان بآية إلا بإذن الله تعالى . فمثل النبي الخاتم - صلى الله عليه وآله - الذي : فاق النبيين في خلق وفي خلق * ولم يدانوه في علم ولا كرم وكلهم من رسول الله يلتمس * غرفا من اليم أو رشفا من الديم " ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى . " 30 وأيضا مثل هاتين الآيتين رد على من يطلب من النبي - صلى الله عليه وآله - ترك ما هو ضرورة وجود الانسان كالأكل ، والشرب ، والمشي في الأسواق ، زعما منه أن ترك ذلك كمال للنبي - صلى الله عليه وآله - ، ولهذا قالوا : ما لهذا الرسول يأكل الطعام