وبعبارة أخرى : الشرع هو المرجع الأول في كل مورد لم يكن للعقل فيه بالايجاب أو السلب حكم ، بحيث يكون حكم الشرع بالسلب أو الايجاب موضوعا لحكم العقل به أيضا أو لحكمه الآخر ، كحكمه برمي الجمار ، والسعي بين الصفا والمروة ، فإن العقل بعد حكم الشرع به ، يحكم به ، كما يحكم بوجوب إطاعته ، ووجوب الامر به ، وذم تاركه . وضابطة أخرى في ذلك : ان لا يكون حكم الشرع في مورد ، تكون حجية حكم الشرع ، أو أصل الشرع متوقفة على حكم العقل به . ففي مسألة عصمة الأنبياء ، العقل هو المرجع الأول ، ويحكم بوجوب كون النبي معصوما لأدلته ، وأما الشرع فالعلم بأصله متوقف على العلم بلزوم بعث النبي ، وشرايطه ، وأوصافه ، والعلم بهذه لو كان ممكن الحصول من جانب الشرع لزم الدور ، لان العلم بالشرع وما يخبر عنه النبي متوقف على العلم بأوصافه ، ولو كان العلم بأوصافه متوقفا على إخبار النبي ، لزم الدور . فقد اتضح من ذلك أن ما في دائرة حكم الشرع به ، والشرع هو المرجع الأول فيه ، هو ما لم يكن للعقل فيه حكم إيجابي أو سلبي ، و لم يكن مما يتوقف عليه العلم بالشرع . وإثبات اشتراط العصمة في النبي خارج عن ذلك ، وكذا إثبات اشتراط عصمة الامام ، فإنه ، وإن لم يكن مما يتوقف عليه العلم بالشرع ، لكن العقل حاكم به بالايجاب ، وعليه يكون الشرع فيه مرشدا إلى حكم العقل ، ومؤيدا ، ومقررا له . ومن هنا يعلم أن الحكم بوجوب إطاعة الله تعالى عقلي وإرشادي ، كما أن الحكم بوجوب إطاعة النبي والامام شرعي ومولوي . فإن قلت : إذا كان العقل هو المرجع الأول في تلك المسألة ، فمن أي طريق نعرف عصمة النبي ؟ وان المعجزة التي أتى بها دليل على