افترضت محبة علي بن أبي طالب على خلقي فبلغهم ذلك عنى . ومنه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب عليه السلام لما خلق الله عز وجل النار . أقول : ربما وقف على هذا الحديث بعض من يميل إلى العناد طبعه ، ويتسع في الخلاف والنصب ذرعه ، فيرد عليه منه ما يضيق عنه وسعه فيجزم بخفض مناره عندما يعييه دفعه ، ويسارع إلى القدح في راويه ومعتقده ، وينكر على ناقله بلسانه وقلبه ويده ، وهو لا يعلم أنه إنما أصيب من قبل طبعه الذميم ، وأتى من قبل تصوره السقيم ، ووجه تبيينه ان محبة علي عليه السلام فرع على محبة النبي صلى الله عليه وآله وتصديقه في جميع ما جاء به ، ومحبة النبي صلى الله عليه وآله وتصديقه فرع على معرفة الله تعالى ووحدانيته ، والعمل بأوامره واجتناب نواهيه ، والاخذ بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ، ومن المعلوم ان الناس كافة لو خلقوا على هذه الفطرة لم يخلق الله النار ، وكيف يحب عليا من خالف مذهبه في علمه وحلمه وزهده وورعه وصلاته وصيامه ؟ ! ومسارعته إلى طاعات الله وإقدامه والاخذ بكتاب الله في تحليل حلاله وتحريم حرامه ، ومجاهدته في ذات الله شارعا لرمحه شاهرا لحسامه وقناعته بخشونة ملبسه وجشوبة مأكله وانتصابه في محرابه يقطع الليل بصالح عمله ، وهذه أوصاف لا يستطيعها غيره من العباد ولكنه قال عليه السلام : أعينوني بورع واجتهاد ، وقد وصف شيعته فقال : انهم خمص البطون من الطوى عمش العيون من البكاء ؟ ! . وقال عليه السلام - وقد سأله همام عن المؤمنين وكان همام هذا رجلا عابدا والكلام مذكور في نهج البلاغة أذكر منه شيئا : فالمتقون فيها - والضمير للدنيا - هم أهل الفضائل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، ومشيهم التواضع غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم ، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم ،