قوله تعالى : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) قيل : نزل قوله تعالى : ( فمنهم من قضى نحبه ) في عبيدة وحمزة وأصحابهم كانوا تعاهدوا لا يولون الادبار فجاهدوا مقبلين حتى قتلوا ( ومنهم من ينتظر ) علي بن أبي طالب ( ع ) مضى على الجهاد ولم يبدل ولم يغير . قلت : وآية المباهلة قد تقدم ذكرها وكون النبي ( ص ) دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام أمر مشهور متواتر أورده أصحاب الصحاح في كتبهم وأرباب السير والتواريخ في سيرهم وتواريخهم ، فاستوى في ايراده المؤالف والمخالف وأحاط علما بحقيته الجاهل والعارف ، وأنا ذاكر هنا ما أورده الزمخشري في كشافه في تفسير هذه الآية قوله تعالى : ( ندع أبنائنا وأبنائكم ) أي يدعو كل منى ومنكم أبناءه ونساءه ونفسه إلى المباهلة ( ثم نبتهل ) نتباهل بأن نقول : بهلة الله على الكاذب منا ومنكم ، والبهلة بالفتح والضم اللعنة ، وبهله الله : لعنه وأبعده من رحمته ، من قولك أبهله إذا أهمله ، وناقة باهل لا صرار عليها ، وهو خيط يشد به ضرعها ، وأصل الابتهال هذا ثم استعمل في كل دعاء يجتهد فيه وان لم يكن التعانا . وروى أنه دعاهم إلى المباهلة قالوا : حتى نرجع وننظر ، فلما تخالوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم : يا عبد المسيح ما ترى ؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل ، ولقد جاءكم بالفضل من أمر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم لتهلكن فأن أبيتم إلا ألف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم ، فاتوا رسول الله ( ص ) وقد غدا محتضنا الحسين ، آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشى خلفه وعلي خلفها ، وهو يقول : إذا أنا دعوت فأمنوا ،