فيه فسار بريدة إلى باب رسول الله فلقيه بعض الجماعة وسأله عن حالهم ، فأخبره وقال : إنما جئت لأعرف النبي صلى الله عليه وآله ما فعل علي من اصطفائه الجارية فقال : اذهب لما جئت فيه فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي فدخل بريدة ومعه كتاب خالد فيما أرسله فيه فجعل يقرأه ووجه رسول الله يتغير ، فقال بريدة : يا رسول الله ان رخصت للناس في مثل هذا ذهب فيئهم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : ويحك يا بريدة أحدثت نفاقا إن علي بن أبي طالب يحل له من الفئ ما يحل لي ، إن علي بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك وخير من أخلف بعدي لكافة أمتي ، يا بريدة احذر ان تبغض عليا فيبغضك الله ، قال بريدة : فتمنيت ان الأرض انشقت لي فسخت فيها وقلت أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله ، يا رسول الله استغفر لي فلن أبغض عليا أبدا ولا أقول فيه إلا خيرا فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وآله . وفي هذه الغزاة من الفضل لأمير المؤمنين والفتح على يده واظهار النبي صلى الله عليه وآله منزلته ، وأنه يحل له من الفئ ما يحل له واختصاصه بذلك دون غيره . وما ظهر من حب النبي له ، وتحذيره من بغضه وتعريف فضله من لم يكن يعرفه ، وحث بريدة على حبه وقوله : هو خير الناس لك ولقومك ، وخير من أخلف بعدي لكافة أمتي ، تعريض - لا والله - بل تصريح بخلافته وإمامته ، واشعار بمحله منه ومكانته ، وأنه أحقهم بمقامه من بعده وأخصهم به في نفسه ، وآثرهم عنده ما لا يشاركه فيه أحد ، ولا يقاربه ولا يدانيه ، ومن أين يدرك شأوه عليه السلام من يبتغيه ، وقد اجتمع له من خلال الشرف ما اجتمع فيه صلى الله عليه وعلى نبيه وآله وذويه . ( فصل ) : ثم كانت غزاة السلسلة ، جاء اعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال : ان قوما من العرب قد اجتمعوا بوادي الرمل يريدون أن يبيتوك بالمدينة