انى صائم ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من منعه الصوم من طعام يشتهيه كان حقا على الله أن يطعمه من طعام الجنة ، ويسقيه من شرابها ، قال : فقلت لجاريته وهي قائمة بقرب منه : ويحك يا فضة ألا تتقين الله في هذا الشيخ ألا تنخلون له طعاما مما أرى فيه من النخالة ؟ فقالت : لقد تقدم إلينا أن لا ننخل له طعاما ، قال عليه السلام : ما قلت لها ؟ فأخبرته فقال : بأبي وأمي من لم ينخل له طعام ، ولم يشبع من خبز البر ثلاثة أيام حتى قبضه الله عز وجل ( الحازر : اللبن الحامض ) انظر هداك الله وإيانا إلى شدة زهده وقناعته فان ايراده الحديث وقوله عليه السلام من منع نفسه من طعام يشتهيه دليل على رضاه بطعامه وكونه عنده طعاما مشتهى يرغب فيه من يراه . وما ذاك لأنه عليه السلام لا يهتدى إلى الأطعمة المتخيرة والألوان المعجبة ولكنه اقتدى برسول الله ، ووطن نفسه الشريفة على الصبر على جشوبة المأكل وخشونة الملبس ، رجاء ما عند الله وتأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله فصار ذلك له ملكة وطبيعة ، ومن عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل . ومنه - وفيه دليل على ما قلته - عن عدى بن ثابت قال : أتى علي بن أبي طالب عليه السلام بفالوذج فأبى أن يأكل منه وقال : شئ لم يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وآله لا أحب ان آكل منه . ومنه عن أبي مطر قال : خرجت من المسجد فإذا رجل ينادى من خلفي ارفع إزارك فإنه أتقى لثوبك وأبقى لك ، وخذ من رأسك ان كنت مسلما ، فمشيت خلفه وهو مؤتزر بازار ومرتد برداء ومعه الدرة كأنه اعرابي فقلت : من هذا ؟ فقال لي رجل : أراك غريبا بهذا البلد ؟ قلت : أجل رجل من أهل البصرة ، قال : هذا على أمير المؤمنين حتى انتهى إلى دار أبى معيط وهو سوق الإبل ، فقال : بيعوا ولا تحلفوا ، فان اليمين تنفق السلعة وتمحق