نام کتاب : كربلاء ، الثورة والمأساة نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 219
يأوي إليه وأهل بيته ، فلو كان الإمام واثقا أن المدينة هي المأوى الآمن ، وأن أهلها سيمنعونه ويحمونه لما كانت هنالك ضرورة لرحلة الشهادة ، فأهل المدينة أعرف بالإمام وبمكانته من غيرهم ويعرفون أنه المظلوم وصاحب الحق الشرعي ، مثلما يعرفون تاريخ يزيد ومعاوية وأبي سفيان وهو تاريخ أسود ، ومع هذا ومع سبق الترصد والإصرار خذل أهل المدينة الإمام الحسين خذلانا تاما ، وتجاهلوا خروج الإمام ، وتجاهلوا العهد والموثق الذي قطعوه على أنفسهم أمام رسول الله " بأن يحموه ويحموا أهله كما يحمون أنفسهم وذراريهم " . والخلاصة ، أن الإمام الحسين لم يغادر المدينة ، إلا بعد ما كان موقنا بأن أهلها خاذلوه ، لا محالة ، ومع هذا لم يغادر المدينة إلا بعد ما أسمع حجته لرجالها ونسائها ، ولشيوخها وشبابها ، وبعد ما أقام الحجة كاملة عليهم ، وعلى أركان دولة الخلافة في المدينة المنورة ، ولما تيقن الإمام أنه قد فعل ذلك كله غادر المدينة متوجها إلى مكة وكان ذلك في ليلة الأحد ، ليومين بقيا من رجب من سنة ستين للهجرة ، خرج الإمام الحسين ببنيه وأخوته وجل أهل بيت النبوة إلا محمد بن الحنفية [1] من المدينة المنورة نهائيا إلى مكة المكرمة وهو يتلو قوله تعالى : * ( فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين ) * [ القصص / 21 ] [2] . وفي رواية ثانية أن الإمام قد خرج من المدينة يريد مكة بجميع أهله وذلك لثلاث ليال مضين من شهر شعبان في سنة ستين للهجرة وهو يتلو الآية . . . [3] وأثناء مسيرته إلى مكة لزم الطريق الأعظم ، وأبى أن يحيد عنها ، وقال لمسلم بن عقيل الذي أشار عليه بالعدول عن الطريق : " والله يا ابن عمي لا فارقت هذا الطريق أبدا أو أنظر إلى أبيات مكة أو يقضي الله في ذلك ما يحب ويرضى " [4]
[1] الموسوعة ص 299 . [2] تلاوته للآية في تاريخ الطبري ج 3 ص 274 والكامل لابن الأثير ج 2 ص 531 والعوالم ج 17 ص 181 وأعيان الشيعة ج 1 ص 888 . [3] اللهوف ص 13 والفتوح لابن أعثم ومقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 181 . [4] مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 189 وينابيع المودة ص 402 والموسوعة ص 299 وتاريخ الطبري ج 3 ص 276 .
219
نام کتاب : كربلاء ، الثورة والمأساة نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 219