في الحرم ، فقال آخر : الرأي ان نأخذه فنحبسه في بيت ونثبته فيه ، ونلقى إليه قوته حتى يموت ، كما مات زهير والنابغة . قال إبليس : ان بنى هاشم لا ترضى بذلك ، فإذا جاء مواسم العرب اجتمعوا عليكم ، فاخرجوه فيخدعهم بسحره . فقال آخر : الرأي ان نخرجه من بلادنا ونطرده ونتفرغ لآلهتنا ، فقال إبليس : هذا أخبث منهما ، فإنه إذا خرج يفجأكم وقد ملأها خيلا ورجلا فبقوا حيارى ، قالوا : ما الرأي عندك ؟ . قال : ما فيه الا رأى واحد ، وهو ان يجتمع من كل بطن من بطون قريش رجل شريف ، ويكون معكم من بنى هاشم أحد ، فيأخذون سيفا ويدخلون عليه ، فيضربه كلهم ضربه واحدة ، فيتفرق دمه في قريش كلهم ، فلا يستطيع بنو هاشم ان يطلبوا بدمه وقد شاركوا فيه ، فحماداهم ان تعطوا الدية ( 1 ) . فقالوا : الرأي رأى الشيخ النجدي ، فاختاروا خمسه عشر رجلا فيهم أبو لهب على أن يدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فأنزل الله تعالى جل ذكره " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " ( 2 ) وأجمعوا ان يدخلوا عليه ليلا وكتموا امره ، فقال أبو لهب : بل نحرسه ، فإذا أصبحنا دخلنا عليه ، فقاموا حول حجره رسول الله صلى الله عليه وآله وامر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان يفرش له ، وقال لعلي بن أبي طالب عليه السلام : أفدني نفسك ، فقال : نعم يا رسول الله قال : نم على فراشي والتحف ببردتي ، فقام وجاء جبرئيل عليه السلام فقال : اخرج والقوم يشرفون على الحجرة ( 3 ) فيرون فراشه وعلي عليه السلام نائم عليه ،
1 - عبارات النسخ هنا مختلفة ففي ق 3 : وقد شاركوا فيه ولا يسوغ لهم أن يعطوا الدية . وفي إعلام الورى ص 62 : فأبقى لهم أن تعطوهم الدية فأعطوهم ثلاث ديات بل لو أرادوا عشر ديات . وفي التفسير المنسوب إلى علي بن إبراهيم ، الجزء 1 / 275 : فان سألوكم أن تعطوا الدية فأعطوهم ثلاث ديات فقلوا : نعم وعشر ديات . . . ونحوه عبارة البحار ، الجزء 19 / 50 . و ما أحسن عبارة المتن عن ث 1 و 2 و 54 ولا يدرى أن العلامة المجلسي لماذا ضرت عن هذا التعبير المختصر لجميل فقوله : فحماداهم ، أي قصاراهم وغاية ما يحمد منهم أن تعطوهم الدية انظر : حمد ، في كتب اللغة . 2 - سورة الأنفال : 30 . 3 - في ق 3 : يهرعون على الحجرة ، أي يمشون إليها بسرعة واضطراب .