أخيه ، فدنا منهم وسلم عليهم ، فقاموا إليه وعظموه ، وقالوا : قد علمنا يا أبا طالب انك أردت مواصلتنا والرجوع إلى جماعتنا ، وان تسلم ابن أخيك إلينا . قال : والله ما جئت لهذا ، ولكن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني ان الله تعالى اخبره انه بعث على صحيفتكم القاطعة دابة الأرض ، فلحست جميع ما فيها من قطيعه رحم وظلم و جور وتركت اسم الله ، فابعثوا إلى صحيفتكم ، فان كان حقا فاتقوا الله وارجعوا عما أنتم عليه من الظلم والجور وقطيعة الرحم ، وان كان باطلا دفعته إليكم ، فان شئتم قتلتموه ، و ان شئتم أسجنتموه . فبعثوا إلى الصحيفة وأنزلوها من الكعبة ، فإذا ليس فيها الا باسمك اللهم ، فقال لهم أبو طالب : يا قوم اتقوا الله وكفوا عما أنتم عليه ، فتفرق القوم ولم يتكلم أحد ، ورجع أبو طالب إلى الشعب ( 1 ) . 439 - وقال عند ذلك نفر من بنى عبد مناف وبنى قصي ورجال من قريش ولدتهم نساء بنى هاشم منهم : مطعم بن عدي ، وعامر بن لؤي - وكان شيخا كبيرا كثير المال له أولاد وأبو البختري بن هاشم ، وزهير بن أمية المخزومي في رجال من أشرافهم : نحن برآء مما في هذه الصحيفة ، فقال أبو جهل هذا امر قضى بليل ، وخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورهطه من الشعب وخالطوا الناس ومات أبو طالب بعد ذلك بشهرين ، وماتت خديجة رضي الله عنها بعد ذلك ، وورد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمران عظيمان وجزع جزعا شديدا ، ودخل على أبي طالب وهو يجود بنفسه ، فقال يا عم : ربيت صغيرا ، ونصرت كبيرا ، وكفلت يتيما ، فجزاك الله عنى خير الجزاء اعطني كلمه اشفع لك بها عند ربي ( 2 ) .
1 - بحار الأنوار 19 / 1 - 4 برقم : 1 . 2 - لا دلالة في هذا القول على عدم إيمان أبي طالب ، بوجه كي يؤول بكتمانه إيمانه اتقاء من القوم كما أول في هامش البحار 19 / 5 كيف ؟ وهم يتقونه وما دام حيا لم ينل قريش من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا . ولما سمعوا منه قصيدته اللامية في شأن نبوته وبرسالته يقول فيه : ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الا باطل وجدت بنفسي دونه وحميته ودارأت عنه بالذري والكواهل ( * 1 ) فأيده رب العباد بنصره وأظهر دينا حقه غير باطل آيسوا منه وتفرقوا عنه لما رأوا أن تصرفاته وحركاته الدفاعية دليل على تصلبه وايمانه الجدي بما جاء به ابن أخيه من شريعة الاسلام . والكلمة المرادة منه عند ارتحاله إنما كانت كلمة الشهادتين تلقينا وتجديدا لخاطرة التوحيد والرسالة من باب السنة والطريقة فان إيمان أبي طالب بالاسلام أظهر من الضوء على الكون والعالم . ( * 1 ) - أي دافعت عنه بالرأس والرقبة