الحق فبالحري ان يسلم وان أخطأ أخطأ طريق الجنة ومن يكن في الدنيا ذليلا وضيعا ( 1 ) بين الناس لا يعرف كان أهون عليه في المعاد وأقرب من الرشاد من أن يكون ( 2 ) فيها حاكما سريا جليلا ، ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما تزول عنه هذه ولا يدرك تلك ، قال : فعجبت الملائكة ذلك من حكمته واستحسن الرحمن منطقه ، فلما امسى واخذ مضجعه من الليل انزل الله عليه الحكمة فغشاه بها ، فاستيقظ وهو احكم أهل الأرض في زمانه يخرج ( 3 ) على الناس ، ينطق بالحكمة ويبثها فيهم وامر الملائكة فنادت داود بالخلافة في الأرض فقبلها ، وكان لقمان يكثر زيارة داو عليه السلام وكان داود يقول : يا لقمان أوتيت الحكمة وصرفت عنك البلية ( 4 ) . فصل - 3 - 243 - وبالاسناد المذكور عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام انه قال : لما وعظ لقمان ابنه ، فقال : انا منذ سقطت إلى الدنيا استدبرت واستقبلت الآخرة ، فدار أنت إليها تسير أقرب من دار أنت منها متباعد ، يا بنى لا تطلب من الامر مدبرا ولا ترفض منه مقبلا ، فان ذلك يضل الرأي ويزري بالعقل ، يا بنى ليكن ما تستظهر به على عدوك ، الورع عن المحارم ، و الفضل في دينك ، والصيانة لمروتك ، والاكرام لنفسك ان لا تدنسها ( 5 ) بمعاصي الرحمن ومساوئ الأخلاق وقبيح الافعال ، واكتم سرك ، وأحسن سريرتك ، فإنك إذا فعلت ذلك آمنت بستر الله ان يصيب عدوك منكم عوره أو يقدر منك على زله ، ولا تأمنن مكره فيصيب منك غره في بعض حالاتك ، فإذا استمكن منك وثب عليك ولم يقلك عثرة . و ليكن مما تتسلح به على عدوك اعلان الرضا عنه واستصغر الكثير في طلب المنفعة و استعظم الصغير في ركوب المضرة . يا بنى : لا تجالس الناس بغير طريقتهم ، ولا تحملن عليهم فوق طاقتهم ، فلا يزال
1 - في ق 3 والبحار : وضعيفا . 2 - في ق 1 وق 5 : وأقرب من أن يكون . 3 - الزيادة من ق 3 والبحار . 4 - بحار الأنوار 13 / 409 - 411 عن تفسير القمي ، وراجع الوافي 3 / 84 - 85 أبواب المواعظ . 5 - كذا في ق 1 وغيره من النسخ والبحار : أن تدنسها وما في المتن أسرع إلى الفهم العرفي .