ثم ركب ومر بهم وهم صرعى ، فقال : لقد صرعكم من غركم ، قيل : ومن غرهم ؟ قال : الشيطان وأنفس السوء [1] ، فقال أصحابه : قد قطع الله دابرهم إلى آخر الدهر ، فقال : كلا والذي نفسي بيده ، وإنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء ، لا تخرج خارجة إلا خرجت بعد مثلها حتى تخرج خارجة بين الفرات ودجلة مع رجل يقال له الأشمط ، يخرج اليه رجل منا أهل البيت فيقتله ، ولا يخرج بعدها خارجة إلى يوم القيامة " [2] . ومن كلام لأمير المؤمنين عليه السّلام لما عزم على حرب الخوارج ، وقيل له : إنّ القوم عبروا جسر النهروان " مصارعهم دون النطفة ، والله لا يفلت منهم عشرة ، ولا يهلك منكم عشرة " . قال الشريف الرضي : " يعني بالنطفة ماء النهر ، وهي أفصح كناية عن الماء وإن كان كثيراً جماً " [3] . قال ابن الأثير : " ثم إنّ الخوارج قصدوا جسر النهر وكانوا غربه ، فقال لعلي أصحابه : إنهم قد عبروا النهر ، فقال : لن يعبروا ، فأرسلوا طليعة فعاد وأخبرهم إنهم عبروا النهر ، وكان بينهم وبينه عطفة من النهر ، فلخوف الطليعة منهم لم يقربهم فعاد فقال : إنهم قد عبروا النهر ، فقال علي عليه السّلام : والله ما عبروه وإن مصارعهم لدون الجسر ، ووالله لا يقتل منكم عشرة ولا يسلم منهم عشرة ، وتقدم علي إليهم فرآهم عند الجسر لم يعبروه ، وكان الناس قد شكوا في قوله وارتاب به
[1] وفي الكامل في التاريخ ج 3 ص 348 أنه قال : " الشيطان وأنفسٌ أمّارة بالسوء غرّتهم بالأماني وزينت لهم المعاصي ونبّأتهم أنهم ظاهرون " . [2] مروج الذهب ج 2 ص 415 . [3] نهج البلاغة - صبحي الصالح ص 93 .