أولادهم على مرور الدّهر ، ليعلم العاقل إنّ من نصره الله فلا يخذله أحد ، كل ذلك رغما لأنف إبليس وأتباعه من الشياطين وطواغيت الإنس والملاعين ، ولو كانوا أولي الأمر وولاته ونقبائه في العالم ورعاته لما كانت الآية في تكثيرهم وانماء عددهم بالغاية في الأعجوبة والنهاية في المثوبة والعقوبة ، فانظر كيف أخذوا الأرض بأطرافها واستولوا على أكنافها وكيف سمّوا ساداتها وأشرافها ، ولو لم يكن منهم إلاّ سكان بلدة واحدة من بلدان المسلمين وقطّان كورة من كور المؤمنين لكان كافياً فيما ذكرناه ، مع كثرة ما استقبلهم من القتل والطّعن والشتم به والحبس من أيّام الأموّية ، ثمّ المروانية إلى يومنا هذا والله ولّي المحسنين . . . وأمّا السّلام : فانّ الله تعالى اختّص رسوله نوحاً عليه السّلام بالسّلام والتحيّة ( سَلاَمٌ عَلَى نُوح فِي الْعَالَمِينَ ) [1] فوجد به السّلامة والأمن والبركة في العمر والأولاد ولم يفعل كذلك لإبراهيم عليه السّلام وموسى وهارون والياس عليهم السّلام لأنّه قال : ( سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) [2] فاكتفى بالسّلام وقال : ( سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ) [3] وكذلك قوله ( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) وعمّم سلام نوح قوله ( فِي الْعَالَمِينَ ) كأنّه جعل له بعدد كل أحد وبعدد كلّ شئ في العالم ، ومن العالم ناطق وجماد وحيوان وموات سلاماً باقياً ذلك بقاء العالمين في الدّنيا والآخرة . وأمّا الشّكر : فانّ الله سبحانه وصف عبده نوحاً عليه السّلام بالشّكر في قوله تعالى ( إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً ) [4] وذلك اعلاء لمرتبته ورفع لدرجة ، فإنّه عليه
[1] سورة الصّافات : 108 - 79 . [2] سورة الصّافات : 109 - 120 - 130 . [3] سورة الصّافات : 109 - 120 - 130 . [4] سورة الاسراء : 3 .