وباسناده عن البراء بن عازب ، قال : أقبل أبو سفيان ومعه معاوية ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : " اللّهم العن التابع والمتبوع ، اللهم عليك بالأقيعس " فقال ابن البراء لأبيه : من الأقيعس ؟ قال معاوية " [1] . وكتاب المعتضد في شأن بني أمية ، الذي كان المأمون أمر بإنشائه بلعن معاوية ، مشهور . روى ابن جرير الطبري " . . وكان من عانده ونابذه ، وكذبه وحاربه من عشيرته العدد الأكثر والسواد الأعظم ، يتلقونه بالتكذيب والتثريب ، ويقصدونه بالأذية والتخويف ، ويبادونه بالعداوة ، وينصبون له المحاربة ، ويصدون عنه من قصده وينالون بالتعذيب من اتبعه ، وأشدهم في ذلك عداوة وأعظمهم له مخالفة ، وأولهم في كل حرب ومناصبة ، لا يرفع على الاسلام راية إلا كان صاحبها وقائدها ورئيسها في كل مواطن الحرب من بدر واحد والخندق والفتح . . أبو سفيان بن حرب وأشياعه من بني أمية الملعونين في كتاب الله ثمّ الملعونين على لسان رسول الله في عدة مواطن وعدة مواضع لماضي علم الله فيهم وفي أمرهم ونفاقهم وكفر أحلامهم ، فحارب مجاهداً ودافع مكابداً ، وأقام منابذاً حتى قهره السيف وعلا أمر الله وهم كارهون ، فتقوّل بالاسلام غير منطو عليه واسرَّ الكفر غير مقلع عنه ، فعرفه بذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والمسلمون ، وميز له المؤلفة قلوبهم فقبله وولده على علم منه . فمما لعنهم الله به على لسان نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنزل به كتاباً قوله : ( وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً ) [2] ولا اختلاف بين أحد أنه أراد بها بني أمية .