الناس ، إنه لم يزل أمري معكم على ما أحب ، حتى نهكتكم الحرب الخ . . » حسبما تقدم . وحينما طلب الحرورية منه « عليه السلام » نقض العهد ، ورفض التحكيم ، والخروج مجددا إلى صفين ، قال لهم علي « عليه السلام » : « هذا حيث بعثنا الحكمين ! وأخذنا منهم العهد ، وأعطيناهموه ؟ ! ! هلاّ قلتم هذا قبل ؟ ! قالوا : كنا قد طالت الحرب علينا ، واشتد البأس ، وكثر الجراح ، وحلا الكراع ، والسلاح . فقال لهم : أفحين اشتد البأس عليكم عاهدتم ؛ فلما وجدتم الجمام قلتم : ننقض العهد ؟ ! إن رسول الله كان يفي للمشركين : أفتأمرونني بنقضه » [1] . وفي مقابل ذلك نجد معاوية في الشام يبذل الأموال ، ويشتري دين الرجال ، ويمد يده إلى الذين حول أمير المؤمنين « عليه السلام » ، فيعدهم ويمنيهم ، ويغريهم بالمناصب ، والولايات ، والأموال . . ويستجيب له عدد من رؤساء القبائل في العراق ، سراً وجهراً ، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر بصورة مباشرة على معنويات الذين كانوا يتعاملون معه « عليه السلام » كخليفة له في عنقهم بيعة ، وهم الأكثرون ، لا كإمام مفترض الطاعة ، وهم الأقلون . وبكلمة . . فإن أهل الشام يعتبرون قضية معاوية قضيتهم ، وليس كذلك أهل العراق . .
[1] بهج الصباغة ج 7 ص 161 و 162 عن ابن ديزيل في صفين وشرح النهج للمعتزلي ج 2 ص 310 .