ولا نريد أن نقول : إن ذلك مكذوب على ابن عباس من الأساس . . بل نحتمل احتمالاً معقولاً : أن يكون رحمه الله ، قد فوجئ ببعض مقولاتهم ، واضطرب في إجاباته عنها . ثم تدارك مواقع ضعفه ، بما عرفه وسمعه من أمير المؤمنين « عليه السلام » ، الذي أسقط كل ما تعلقوا به من طحلب الأوهام ، وأزاح كل ما أثاروه من غبار شبهات واهية . بل ذكرت بعض النصوص : أنه « عليه السلام » كان في بعض مواقف الاحتجاج عليهم ، على مقربة من ابن عباس يلقنه ما يقوله لهم ، ويلقي إليه ما يحتج به عليهم . ونذكر فيما يلي للقارئ الكريم بعض ما يوضح ما قلناه ، فنقول : إن بعض النصوص تذكر : أن علياً « عليه السلام » نهى ابن عباس عن مجادلتهم ، حتى يأتيه . لكن ابن عباس لم يصبر عن جوابهم ، فدخل معهم في نقاش لم يكن موفقاً فيه . فجاء علي « عليه السلام » وهو يخاصمهم ويخاصمونه ، فقال له علي « عليه السلام » : ألم أنهك عن كلامهم ؟ ! . فكلم علي « عليه السلام » ابن الكواء زعيمهم الخ [1] . وحسب نص آخر : أن ابن عباس خاطب الخوارج بحضور علي « عليه السلام » ، فلما فرغوا من احتجاجهم قال : يا أمير المؤمنين قد سمعت ما قال القوم ، وأنت أولى بالجواب مني .
[1] راجع : نور الأبصار ص 98 و 99 والفصول المهمة لابن الصباغ ص 84 و 85 والكامل في التاريخ ص 327 و 328 .