ومعتقداتهم الباطلة حتى بعد ظهور زيفها ، ولا يثنيهم ظهور بطلانها عن محاولة فرضها على الناس بالقوة ، كما يظهر لمن قرأ تاريخهم . . وأصبح الناس معهم أمام خيارين لا ثالث لهما : الأول : أن يؤمنوا بالباطل ويتخذوه ديناً . . الثاني : أن يواجهوا الموت والهلاك بأبشع صوره ، وأشدها ألماً وهولاً . . وهذا الأمر هو الذي جعل الناس سرعان ما يدركون خطرهم ، ونفر العقلاء منهم ، وجعلهم يندفعون إلى العمل على صيانة حرية الاعتقاد ، وإلى دفع شرهم عن الناس الأبرياء . . هذا بالإضافة . . إلى أن إفساح المجال أمام دعوة الخوارج ، إنما يعني القبول بسقوط النظام الاجتماعي العام ، وجعل كل شيء في خطر دائم ومستمر . وهذا مما لا مجال لقبوله ، ولا طريق للسكوت عنه . هذا حقد أم جهل ؟ ! قال بعضهم : « قد كانت الثورة ضد عثمان ثورة ضد الخليفة في سبيل الله ، ومن أجل الحق والعدل ضد الباطل والجور ، ولم يكن هذا المبدأ ليستعمل ضد عثمان بشخصه . ولكنه كان ضد كل حاكم يحيد عن الطريق الصحيح . . وعلى هذا الأساس خرج الخوارج على الإمام ، فهذه الثورة ، التي جاءت به إلى الخلافة ، ما كانت لتغمض عينها عن علي نفسه عندما يحيد عن الصواب » [1] .
[1] نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي ص 170 تأليف الدكتور على حسن عبد القادر