ذلك يخوِّف أمير المؤمنين « عليه السلام » الناس من الخوارج بأنهم لو ولّوا عليهم لعملوا فيهم بعمل كسرى وقيصر . والعجيب : أنه يظهر إعجابه بمعاوية ويصفه بكسرى العرب . فشتان ما بين هذه المواقف منه ، وبين واقع كسرى المزري والمهين ، والبعيد كل البعد عن الشأن الإنساني ، كما أشار إليه أمير المؤمنين « عليه السلام » . . عودة إلى الحديث السابق : وبعد . . فإن هناك الشبهات والأضاليل ، والمغالطات ، التي كان يتوسل بها معاوية ، فيما يرتبط بمقتل الخليفة عثمان ، وبالنسبة لموقف أمير المؤمنين « عليه السلام » من مقتله ، ومن خلافته ومن خلافة الذين سبقوه بصورة عامة . مع أن أمير المؤمنين كان قد بين له : « أن الذين باشروا قتل عثمان ، قتلوا يوم قتلوه . وأما الآخرون من الثائرين ، فلا يستحقون القتل ، فقد تأولوا عليه القرآن ، ووقعت الفرقة ، ولا يجب عليهم القود » [1] . كما أن من الواضح : أن معاوية لم يكن ولي دم عثمان . وحتى لو كان وليه ، فقد كان عليه أن يرفع أمره إلى الخليفة الشرعي ، ويحاكمهم إليه . . ومهما يكن من أمر ، فان شبهات معاوية وأضاليله المختلفة قد أثرت أثرها ، ليس بالنسبة لأهل الشام فقط ، بل بالنسبة لغيرهم أيضاً ، حتى ليذكرون أن الصحابي المعروف عبد الله بن مسعود في أربع مئة من
[1] الخوارج في العصر الأموي ص 66 عن شرح النهج للمعتزلي ج 4 ص 16 .