« هيهات يا أهل العراق ، نبهكم علي بن أبي طالب . فلن تطاقوا » . ولم يقتصر الأمر في هذا التأثير على الجانب السياسي . بل هو تأثير شامل وفاعل في مختلف الجهات والحالات وليست حالة الزهد والعزوف عن الدنيا بالتي تستثنى من ذلك ، ويكفي أن نذكر هنا . ما قاله الدكتور يوسف خليف : « كان أكبر صحابي نزل الكوفة ، واتخذ منها وطناً له ، وحاضرة لخلافته ، وهو علي بن أبي طالب ، مثلاً عالياً من أمثلة الزهد ، والتقشف ، بل النموذج الكامل من بين الخلفاء الأولين ، والصحابة لحياة الزهد . وكان أهل الكوفة ينظرون إليه على أنه مثلهم الأعلى في كل شيء . وعلى أنه زعيمهم السياسي ، وإمامهم الروحي ، فكان من الطبيعي أن يتأثروا به في حياتهم ، وأن يتخذوا منه مثلاً يحذون حذوه ، ويتأسون به في زهده وتقشفه » [1] . فوارق بين زهد علي « عليه السلام » وزهد غيره : وغني عن القول : أن الزهد العراقي الذي وفد عليه علي بن أبي طالب « عليه السلام » ، وتعامل معه ، يختلف عن الزهد الذي نشأ برعاية علي « عليه السلام » ، ومن خلال التأسي به ، صلوات الله وسلامه عليه . فقد كان زهد علي « عليه السلام » ينطلق من موقع التمازج الواعي بين المعارف الإيمانية والفكر الصحيح ، وبين المزايا الروحية ، والنفسية ، ليصوغ المشاعر والأحاسيس بصورة سليمة وقويمة ولتتكون الشخصية النموذج للمسلم الواعي والملتزم ، والعارف بالله سبحانه ، وبما يريده منه