ولكن اليهود لا يستفيدون من أموالهم وأنصارهم بل يسيئون ويفسدون للمرة الثانية ، وفي هذه المرة يضيفون إلى إفسادهم العلو ، فيستكبرون ويعلون على الناس كثيراً . فإذا جاء وعد عقوبتهم على ذلك سلط الله عليهم نفس أولئك القوم مرة ثانية فأنزلوا بهم عقاباً أشد من العقاب الأول على ثلاث مراحل . * * والنتيجة الثانية : أن القوم الذين يبعثهم الله عليهم في المرة الأولى يغلبونهم بسهولة ويدخلون المسجد الأقصى ، ويتعقبون مقاتليهم في بيوتهم ( فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ ) ويُنهون قوتهم العسكرية . ثم يرسلهم الله عليهم ثانيةً على رغم غلبة اليهود عليهم وكثرة أنصارهم ضدهم ، فينزلون بهم العقوبة على ثلاث مراحل ، حيث يوجهون إليهم أولاً ضربات تسوء وجوههم ، ثم يدخلون المسجد فاتحين كما دخلوه أول مرة ، ثم يسحقون علوهم على الشعوب سحقاً . كما تدل عليه اللام في قوله تعالى : ( لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ ) وفي قوله تعالى : ( وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ . . . . وَلِيُتَبِّرُوا . . ) . والسؤال الأساسي الذي طرحه المفسرون : هل أن هذين الإفسادين - اللذين يرافق أحدهما علو كبير - قد مضيا ، ووقعت العقوبتان الموعودتان عليهما ، أم لا ؟ فقال بعضهم : إنهما مضيا ووقعت العقوبة على الإفساد الأول على يد نبوخذ نصر ، وعلى الإفساد الثاني على يد تيطس الروماني . وقال بعضهم : لم تقع العقوبتان بعد . والرأي الصحيح : أن العقوبة الأولى على إفسادهم الأول وقعت في صدر الإسلام على يد المسلمين ، ثم رد الله الكرة لليهود على المسلمين عندما ابتعد