ويبدو أن ادعاء المهدية كان أشبه بالموجة في أواخر القرن الأول الهجري ، حيث رزح المسلمون تحت وطأة التسلط الأموي ، ولمسوا ظلامة أهل البيت عليهم السلام فانتشر بينهم تداول أحاديث النبي صلى الله عليه وآله عن ظلامة أهل بيته الطاهرين عليهم السلام والبشارة بمهديهم . فكان ذلك أرضية لادعاء المهدية لعديدين من بني هاشم ، وحتى من غيرهم أيضاً مثل موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي . ويبدو أن عبد الله بن الحسن المثنى كان أبرع من ادعاها لولده محمد ، فقد خطط لذلك منذ طفولة ابنه فسماه محمداً لأن المهدي عليه السلام على اسم النبي صلى الله عليه وآله ، ثم رباه تربية خاصة ، وحجبه عن الناس وأشاع حوله الأساطير وأنه هو المهدي . قال في مقاتل الطالبيين ص 239 : ( لم يزل عبد الله بن الحسن منذ كان صبياً يتوارى ويراسل الناس بالدعوة إلى نفسه ويسمى بالمهدي ) ! ! وقال في ص 244 : ( لهجت العوام بمحمد تسميه بالمهدي ) ! بل كان العباسيون أيضاً يروجون لهذا الادعاء قبل أن ينقلبوا على حلفائهم الحسنيين ! فقد روى المصدر في ص 239 عن عمير بن الفضل الخثعمي قال : ( رأيت أبا جعفر المنصور يوماً وقد خرج محمد بن عبد الله بن الحسن من دار ابنه وله فرس واقف على الباب مع عبد له أسود وأبو جعفر ينتظره ، فلما خرج وثب أبو جعفر فأخذ بردائه حتى ركب ثم سوى ثيابه على السرج ومضى محمد ، فقلت وكنت حينئذ أعرفه ولا أعرف محمداً : من هذا الذي أعظمته هذا الإعظام حتى أخذت بركابه وسويت عليه ثيابه ؟ قال : أو ما تعرفه ؟ ! قلت : لا . قال : هذا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، مهدينا أهل البيت ) ! . وأكثر الظن أن العباسيين تعلموا ادعاء المهدية من هؤلاء الحسنيين حلفائهم وشركائهم في الثورة على الأمويين . وليس هذا موضع التفصيل .