ثم هم في الجانب الآخر يصورون أبا طالب ، شيخ الأبطح ، عليه السلام ، ومستودع الوصايا ، والذي تقول النصوص إنه من أوصياء النبي عيسى عليه السلام ، على أنه الرجل المصر على الشرك ، والعناد ، فلا يخضع للحق ، ولا يستجيب لنداء الله ، رغم أنه يعيش كل أجواء الإيمان ، ويرى الدلائل والمعجزات لرسول الله صلى الله عليه وآله ، الواحدة تلو الأخرى . وهو يعرف رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر من كل أحد سواه ، لأنه كفله ورباه ، وأيده ، ورعاه ، ودافع عنه ونافح ، وجاهد في سبيل حفظه ، وحفظ دعوته ، وكافح . . وحين وجه إلينا بعض الإخوة سؤالاً عن هذه المفارقات ، وحتّم علينا الواجب إجابته الصريحة والواضحة ، وإن كانت لأهل الإفك جارحة ، كان لا بد لنا في هذا البحث المقتضب ، من أن نقدم إلى القارئ الكريم طائفة من النصوص التاريخية التي توضح له الحقيقة ، وتزيل أية شبهة أو لبس ، سواء فيما يرتبط بتاريخ وسيرة عمرو بن العاص ، أم فيما يرتبط بتاريخ ، وسيرة ، وعظمة ، وحقيقة إيمان أبي طالب عليه السلام المظلوم والمفترى عليه . . من أجل ذلك كان لا بد من تقديم فصل نعرض فيه بعض ما يدل على حقيقة عمرو بن العاص . . ثم نعرض فصولاً تتحدث عن أبي طالب عليه السلام ، وعن جهاده ، وتضحياته ، وعن إيمانه ، وفضائله . . فإلى ما يلي من فصول ومطالب :