الحب في الله والبغض في الله : ومن الواضح : أن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن ينطلق في حبه لهما ، وحزنه عليهما من مصلحته الشخصية ، أو من عاطفة رحمية ، وإنما هو يحب في الله تعالى ، وفي الله فقط . ويقدِّر أي إنسان ، ويحزن لفقده ، ويرتبط به روحياً وعاطفياً ، بمقدار ارتباط ذلك الإنسان بالله ، وقربه منه ، وتفانيه في سبيله ، وفي سبيل دينه ورسالته . أي أنه صلى الله عليه وآله لم يتأثر على أبي طالب والسيدة خديجة عليهما السلام ؛ لأن هذه زوجته وذاك عمه . وإلا فقد كان أبو لهب عمه أيضاً . وإنما لما لمسه فيهما من قوة إيمان ، وصلابة في الدين ، وتضحيات وتفان في سبيل الله ، والعقيدة . وفي سبيل المستضعفين في الأرض ، ولما خسرته الأمة فيهما ، من جهاد وإخلاص قل نظيره في تلك الظروف الصعبة والمصيرية . وقد ألمح النبي الأعظم صلى الله عليه وآله إلى ذلك حينما جعل موت أبي طالب والسيدة خديجة عليهما السلام ، مصيبة للأمة بأسرها ، كما هو صريح قوله في هذه المناسبة : « . . اجتمعت على هذه الأمة مصيبتان ، لا أدري بأيهما أنا أشد جزعاً » [1] .