نام کتاب : طور الاستخلاف ( الطور المهدوي ) نویسنده : عالم سبيط النيلي جلد : 1 صفحه : 118
واعتبر الماء رمزاً لتوافر كل النعم ، فيما لو استقام الناس على الطريقة واكتفى به وحده لذكر جميع النعم : ( وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ) ( الجن : 16 ) وفي هذه الآية قال " لنفتنهم فيه " ، فكما الماء عقاب وكما هو ثواب فهو أيضاً فتنة ، فالماء يلاحق التراب من أول منشأه إلى آخر مراحله - دخل في تكوينه وبناء جسده وطعامه وكان له فتنة ، فإن استقام كان يجري من تحته وأن أعرض كان الماء عذاباً دنيوياً له ، وصار الحصول عليه حلماً يراوده . . فإن أغيث به أغيث بماء حمي على النار فصار حميماً يقطع أمعاءهم . . والفتنة ، تعني في اللغة إرجاع كل شيء من أجزاء المركب إلى أصله ، فالذهب يفتن على النار ، لفصله عما علق به من شوائب ، وفتنة الله للناس هي لتحريك العقول وتشغيل الذاكرة ، لأجل التمييز والفرز والتطهير من الشوائب : ( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ ) ( آل عمران : 179 ) فانظر إلى دقة التعبير عند الانتقال من الحديث عن الجماعة الغائبين إلى جماعة المخاطبين فقد أنتقل الكلام من حيث لا تدري من الحديث عن المؤمنين إلى عبارة ( ما أنتم عليه ) ، فكأنه يقول - لا نذر أولياءنا من المؤمنين - على ما أنتم عليه أيها الجماعة المختلطة ببعضها حتى نخرج الخبيث وتفرزه عن الطيب . ولذلك يخاطبهم عند حدوث الفرز الأكبر والشامل " يوم الفصل " بقوله : ( وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) ( يس : 59 ) ولأن عملية التمييز هي ما يقوم به العقل فقد أستخدم القرآن الألفاظ التي تحفز عمل الذاكرة ، وقرن العقل ، بجميع الحقائق التي تؤدي إلى المعرفة وأهمها الذاكرة التاريخية وما يتصل بها :
118
نام کتاب : طور الاستخلاف ( الطور المهدوي ) نویسنده : عالم سبيط النيلي جلد : 1 صفحه : 118