غيره ، لا تنقص من شأنه - بزعمهم - شيئاً ؛ إذ يكفيه شرفاً : أنه النبيّ الهادي لهذه الأمة ، وأنه رسول الله . كما ان ذلك يمكن أن يكون ردة فعل على تلك الرواية التي لا يجدون دليلاً ملموساً على ردها وتكذيبها ، والتي تقول : إنه أسلم في مكة ، وحسن إسلامه ؛ وأن النبيّ « صلى الله عليه وآله » شاوره - امتحاناً له - فيمن يبدأ بدعوته في مكة ، فجال سلمان في أهل مكة يَخٍبُرهم ، ويشيرهم ، ويجتمع مع النبيّ « صلى الله عليه وآله » وأبي طالب لهذا الغرض ، ثم أشار بدعوة أبي بكر ؛ لأنه معروف بين العرب بتعبير الأحلام ، وهم يرون فيه ضرباً من علم الغيب ، مع معرفته بتواريخ العرب ، وأنسابها ، بالإضافة إلى أنه معلم للصبيان ، ويطيعه ويجله من أخذ عنه من فتيانهم ، ولكلامه تأثير فيهم ؛ فإذا آمن فلسوف يكون لذلك أثره ، ولسوف تلين قلوب كثيرة . . لا سيما وان معلمي الصبيان راغبون في الرياسة ، فاستصوب النبيّ « صلى الله عليه وآله » ، وأبو طالب ذلك ، وشرح سلمان في دلالة الرجل ، وادخاله في الإسلام [1] . فلعل سلمان - كما تدل عليه هذه الرواية ، ويظهر من غيرها - كان في بدء أمره في مكة وأسلم هناك ، ثم انتقل إلى المدينة .
[1] راجع : نفس الرحمان ص 48 عن بعض الكتب المعتبرة وص 27 و 28 عن كتاب الكشكول فيما جرى على آل الرسول للعبيدلي .