والسلام ، حتى لقد اتجهوا إلى بيعته ، قبل أن يدفن الخليفة المقتول بشوق زائد ، ولهفة ظاهرة ، حتى وطىُ الحسنان ، وشق عطفاي ، على حد تعبير على « عليه السلام » نفسه . . مع سابق علمهم ويقينهم بأن سياسة وطريقة علي « عليه السلام » في التعامل مع مسألة التمييز والتفضيل ، ومع غيرها من المسائل والقضايا ، هي التجسيد الحي لسياسة الرسول الأعظم « صلى الله عليه وآله » وطريقته . فلا بدّ وأن يعيد الأمور إلى نصابها ، ويعطي كل ذي حق حقه ، ولسوف لا يرى فضلاً لبني إسماعيل على بني إسحاق ، ولا عكس ذلك . . نعم . . إن اليهود ، وأحبارهم ، الذين أظهروا الإسلام ، إذا كانوا يدركون كل ذلك ، فان من الطبيعي أن نجدهم يتحركون لتلافي الاخطار المحتملة ، فنجد الحبر اليهودي ، الذي اظهر الإسلام ، يظهر موقفه بأسلوب يستبطن إثارة المخاوف ، والتحريض على العصيان . . فقد روي مسلم بن إبراهيم ، قال : أخبرنا سلام بن مسكين ، قال : أخبرنا مالك بن دينار ، أخبرني من سمع عبدا بن سلام يقول يوم قتل عثمان : « اليوم هلكت العرب » [1] . فهو يريد أن يثير حفيظة العرب ، بالتلويح بخسرانهم الامتيازات الظالمة ، التي منحهم إياها الحكم ، مع تحذير مبطن من أن الأمور تتجه نحو تحكيم أولئك الذين لا يرون فضلاً لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل