فكرياً أيضاً ، فأقيمت الحجج والبراهين ، وكتبت الرسائل والبحوث ، لاثبات فضل العرب ، على غيرهم . وقد استمر ذلك إلى عهود متأخرة ، وقد أدلى ابن تيمية [1] بدلوه في هذا المجال ، كما صنع غيره . وقد كان من الطبيعي : أن يجهد أولئك المضطهدون ، والمهدورة كراماتهم ، والمسلوبة حقوقهم ، في سبيل اثبات مساواتهم للعرب ، وإقناعهم : بأنه لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ، والعمل الصالح . . ولكننا لم نجد شيئاً ذا بال ، في هذا المجال في عهد الأمويين ، ولعل ذلك يرجع إلى أنهم ما كانوا يجرؤون على الظهور في أيامهم [2] ، لأنهم كانوا من أشد الناس في هذا الأمر ، وكانوا يفرضون سياساتهم على الناس بالقوة والقهر . . أما بعد ذلك ، فنجد الدعوة إلى التسوية قد نشطت ، وكتبت في ذلك الرسائل ، واحتجوا لها بمختلف الحجج [3] . ولكن ذلك لا يعني : أن الدولة العباسية لم تكن حساسة تجاه هذا
[1] راجع : اقتضاء الصراط المستقيم ص 142 - 170 . [2] راجع : تاريخ التمدن الاسلامي ، المجلد الثاني ، جزء 4 ص 344 عن الأغاني ج 4 ص 125 . [3] راجع : العقد الفريد ج 3 ص 403 - 417 والفهرست لابن النديم ص 124 ونوادر المخطوطات ج 1 ص 331 إلى آخر الكتاب . والبيان والتبيين ج 3 ص 5 فما بعدها ، وغير ذلك .