نام کتاب : سبل الهدى والرشاد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 372
فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله للسائل الذي سأله عن صوم يوم الاثنين : " ذاك يوم ولدت فيه " فتشريف هذا اليوم متضمن تشريف هذا الشهر الذي ولد فيه فينبغي أن نحترمه حق الاحترام ونفضله بما فضل الله تعالى به الأشهر الفاضلة وهذا منها ، لقوله صلى الله عليه وسلم " أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، آدم فمن دونه تحت لوائي " وفضيلة الأزمنة والأمكنة بما خصها الله تعالى به من العبادات التي تفعل فيها ، لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تشرف لذاتها . وإنما يجعل التشريف بما خصت به من المعاني . فانظر إلى ما خص الله به هذا الشهر الشريف ويوم الاثنين ، ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم لأنه صلى الله عليه وسلم ولد فيه ؟ فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به ، اتباعا له صلى الله عليه وسلم في كونه كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات . ألا ترى إلى قول ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان " فنمتثل تعظيم الأوقات الفاضلة بما امتثله على قدر استطاعتنا . فإن قال قائل : قد التزم صلى الله عليه وسلم في الأوقات الفاضلة ما التزمه في غيره . فالجواب : أن ذلك لما علم من عادته الكريمة أنه يريد التخفيف عن أمته سيما فيما كان يخصه ، ألا ترى إلى أنه صلى الله عليه وسلم حرم المدينة مثل ما حرم إبراهيم مكة ، ومع ذلك لم يشرع في قتل صيده ولا شجره الجزاء تخفيفا على أمته ورحمة بهم ، وكان ينظر إلى ما هو من جهته وإن كان فاضلا في نفسه فيتركه للتخفيف عنهم . فعلى هذا : تعظيم هذا الشهر الشريف إنما يكون بزيادة الأعمال الزاكيات فيه والصدقات إلى غير ذلك من القربات ، فمن عجز عن ذلك فأقل أحواله أن يجتنب ما يحرم عليه ويكره له تعظيما لهذا الشهر الشريف ، وإن كان ذلك مطلوبا في غيره إلا أنه في هذا الشهر أكثر احتراما ، كما يتأكد في شهر رمضان وفي الأشهر الحرم فيترك الحدث في الدين ويجتنب مواضع البدع وما لا ينبغي . وقد ارتكب بعضهم في هذا الزمان ضد هذا المعنى ، و ( هو ) أنه إذا دخل هذا الشهر الشريف تسارعوا فيه إلى اللهو واللعب بالدف والشبابة وغيرهما . ويا ليتهم عملوا المغاني ليس إلا ، بل يزعم بعضهم أنه يتأدب فيبدأ المولد بقراءة الكتاب العزيز وينظرون إلى من هو أكثر معرفة بالتهوك والطرق المهيجة لطرب النفوس ، وهذا فيه وجوه من الفساد . ثم إنهم لم يقتصروا على ما ذكر ، بل ضم بعضهم إلى ذلك الأمر الخطر ، وهو أن يكون
372
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 372