نام کتاب : سبل الهدى والرشاد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 215
نصارى قريبا من عشرين ألفا فنجا منهم دوس ذو ثلعبان ، فذهب فاستغاث بقيصر ملك الروم وكان نصرانيا فكتب له إلى النجاشي ملك الحبشة لكونه أقرب إليهم ، فبعث معه أميرين : أرياط وأبرهة بن الصباح أبا يكسوم في جيش كثيف ، فدخلوا اليمن فجاسوا خلال الديار واستلبوا الملك من حمير ، وهلك ذو نواس غريقا في البحر . واستقل الحبشة بملك اليمن وعليهم هذان الأميران أرياط وأبرهة ، فاختلفا في أمرهما وتصاولا وتقاتلا ، وتصافا ، فقال أبرهة لأرياط : إنه لا حاجة بنا إلى اصطلام الجيش بيننا ، ولكن أبرز إلي وأبرز إليك ، فأينا قتل الآخر استقل بالملك بعده ، فأجابه إلى ذلك ، فتبارزا وخلف كل واحد منهما فتاه ، فحمل أرياط على أبرهة فضربه بالسيف فشرم أنفه وشق وجهه وحمل عتودة مولى أبرهة على أرياط فقتله ، ورجع أبرهة جريحا ، فداوى جرحه فبرئ واستقل بملك الحبشة باليمن . فكتب إليه النجاشي يلومه على ما كان منه ويتوعده وحلف ليطأن بلاده وليجزن ناصيته ، فأرسل إليه أبرهة يترفق له ويصانعه ، وبعث مع رسوله بهدايا وتحف وبجراب فيه تراب اليمن ، وجز ناصيته وأرسلها معه ويقول في كتابه : ليطأ الملك على هذا التراب فيبر قسمه ، وهذه ناصيتي قد بعثت بها إليك ، وأنا عبد الملك . فلما وصل ذلك إليه أعجبه ورضي عنه وأقره . ثم إن أبرهة رأى الناس يتجهزون أيام الموسم للحج إلى بيت الله الحرام فسأل : أين يذهب الناس ؟ فقيل له : يحجون إلى بيت الله بمكة . قال : ما هو ؟ قالوا من حجارة ؟ قال : فما كسوته ؟ قالوا : ما يأتي من ها هنا من الوصائل . قال : والمسيح لأبنين لكم خيرا منه . فبنى لهم كنيسة هائلة بصنعاء رفيعة البناء مزخرفة الأرجاء ، فسمتها العرب القليس لارتفاعها لأن الناظر إليها ، يكاد تسقط قلنسوته عن رأسه لارتفاع بنائها ، ونقل من قصر بلقيس ما تحتاج إليه ، واستذل أهل اليمن في بنيان هذه الكنيسة ، وبناها بالرخام المجزع والأبيض والأحمر والأصفر والأسود ، وحلاه بالذهب والفضة وفصل بينهما بالجواهر ، وجعل فيها ياقوتة حمراء عظيمة ونصب فيها صلبانا من الذهب والفضة ومنابر من العاج والآبنس ، وكان يوقد فيها بالمندل ويلطخ جدرها بالمسك ، وكان حكمه في العامل إذا طلعت عليه الشمس قبل أن يأخذ في عمله أن يقطع يده ، فنام رجل منهم ذات يوم حتى طلعت الشمس فجاءت معه أمه
215
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 215