نام کتاب : سبل الهدى والرشاد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 149
الحرم ، وهم أول من نزل مكة ويكونون بعرفة ، وكانت المياه يومئذ قليلة وكان موضع البيت قد دثر وهو ربوة حمراء مدرة ، وهو يشرف على ما حوله ، فقال جبريل صلى الله عليه وسلم حين دخل من كداء ، وهو الجبل الذي يطلعك على الحجون والمقبرة : بهذا أمرت . قال إبراهيم بهذا أمرت ؟ قال نعم . فانتهى إبراهيم إلى موضع البيت فعمد إلى موضع الحجر فآوى فيه هاجر وإسماعيل وأمرها أن تتخذ فيه عريشا . انتهى . وفي حديث ابن عباس أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم جاء بهاجر وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد . قلت : ولا مخالفة بين الكلامين كما زعمه في شفاء الغرام ، لاحتمال أن يكون إبراهيم صلى الله عليه وسلم أنزلهما أولا عند الدوحة ، ثم نقلهما إلى موضع الحجر ، أو بالعكس والله - تعالى - أعلم . وليس بمكة أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء . ثم قفل إبراهيم . وفي حديث أبي جهم : ثم انصرف إبراهيم راجعا إلى أهله بالشام . انتهى . وترك إسماعيل وأمه عند البيت . فتبعته أم إسماعيل فأدركته بكداء ، فنادته ثلاثا : يا إبراهيم ، أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شئ ؟ إلى من تدعنا ؟ فقالت ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها ، فأجابها في الثالثة : إلى الله تعالى . قالت : الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : إذا لا يضيعنا حسبي . وفي لفظ : رضيت تركتنا إلى كاف . ثم رجعت . وفي حديث : أبي جهم : فجعلت عريشا في موضع الحجر من سمر وثمام ، وانطلق إبراهيم صلى الله عليه وسلم حتى وقف على كداء ولا بناء ولا ظل ولا شئ يحول دون ابنه فنظر إليه فأدركه ما يدرك الولد من الرحمة . وفي حديث ابن عباس : أنه لما تواري عنهما استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه ، قال : ( رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وأرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) . وجعلت أم إسماعيل ترضعه وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت فانقطع لبنها ، وعطش إسماعيل ، وجعلت تنظر إليه يتلوى . وفي لفظ : يتلبط . وفي لفظ يتلمط . وفي لفظ : فلما ظمئ جعل يضرب بعقبيه كأنه ينشغ للموت ، فانطلقت كراهية أن
149
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 149