نام کتاب : دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة نویسنده : السيد محمد باقر الحكيم جلد : 1 صفحه : 477
على هذه الأحاديث - بأنها تختص بالحالات الاستثنائية التي يجد الانسان فيها نفسه ضعيفاً أمام الضغوط والاغراءات فيحتاط لنفسه بالعزلة حيث يشق عليه اجتناب مفاسد المعاشرة . أو تفسيرها على أساس أنها أسلوب من أساليب التربية والتحذير والتنبيه إلى مخاطر المعاشرة التي هي أمر ضروري للناس لا يمكن أن يستغنوا عنه في حياتهم ، فلا بدّ للانسان أن يكون حذراً من عواقبها وآثارها كما تشير إليه الرواية الأولى : « إن قدرت على أن لا تخرج . . . » ويؤكد هذا التفسير الرواية السابقة التي تقول : « إن أحداً لا يستغني عن الناس في حياته ، والناس لا بدّ لبعضهم من بعض » ؛ وإلاّ فإن الله سبحانه قد خلق الانسان للامتحان والابتلاء والفتنة ليتكامل من خلال تحمّل المسؤولية واختيار الحق في مقابل الباطل ، والصالح في مقابل الفاسد ، كل ذلك حسب المسار الطبيعي لحركة الانسان في الكون والمجتمع ؛ والهروب من الامتحان والفتنة بالهروب من المجتمع والحياة لا يحقق هذا الهدف التكاملي . ومع قطع النظر عن هذين الاحتمالين اللذين يمكن الجمع بهما بين هذه الروايات لا يمكن الالتزام - علمياً - بالاتجاه الذي قد يفهم من مضمون القسم الثاني من هذه الروايات على عمومه وإطلاقه ، حيث إن القسم الأول من الروايات موافق للقرآن الكريم والسنّة النبوية ، وهو أكثر عدداً وأوثق سنداً وأكثر اشتهاراً بين علماء الجماعة الصالحة وعليه العمل والسيرة العامة للعلماء والصالحين . وقد علّق العلاّمة الطبرسي في مجمع البيان على هذا الموضوع بقوله : « وقد جاء في الحديث النهي عن التبتّل والانقطاع عن الناس والجماعات والنهي عن الرهبانية والسياحة » [1] .
[1] وسائل الشيعة 11 : 285 ، ح 7 ب 51 ، استحباب لزوم المنزل .
477
نام کتاب : دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة نویسنده : السيد محمد باقر الحكيم جلد : 1 صفحه : 477