نام کتاب : دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة نویسنده : السيد محمد باقر الحكيم جلد : 1 صفحه : 146
أمك - والله لقد شكا يعقوب إلى ربه في أقل ما رأيت حين قال : ( يا أَسَفا على يوسف ) [1] وإنه فقد ابناً واحداً ، وإني رأيت أبي وجماعة أهل بيتي يذبَّحون حولي » . وروى أيضاً عن الإمام أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : « بكى علي بن الحسين على الحسين بن علي صلوات الله عليهم أجمعين عشرين سنة - أو أربعين سنة - وما وضع بين يديه طعام إلاّ بكى على الحسين ( عليه السلام ) حتى قال له مولىً له : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين ! فقرأ : ( إنما أشكو بثّي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ) . إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خنقتني لذلك العبرة » [2] . ولا يمكن أن نحمل هذه الممارسة الواسعة والممتدة للإمام زين العابدين ( عليه السلام ) على أنها مجرد انفعال عاطفي بالمشاهد التي عاشها أيام محرم الحرام ، بحيث لم يكن قادراً على ضبط أحاسيسه وعواطفه طيلة هذه الفترة من الزمن ، وإنّما ينبئ هذا - بالإضافة إلى ذلك - عن تصميم وتخطيط محكم كان يمارسه الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) يعتمد على الحقيقة المأساوية التي عاشها سلام الله عليه شخصياً ، ويؤكد عمقها وهولها لتبقى قضية تعيشها الأمة الاسلامية ، وتتحرك على أساسها الجماعة الصالحة . وقد أعطى أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) بعد الإمام زين العابدين عمقاً آخر لهذا الشعار عندما طرحوه مصداقاً ثالثاً من مصاديق تعظيم شعائر الله ، وأسلوباً للتعبير عن استنكار الظلم ، والتفاعل الذاتي مع قضية كربلاء وأهدافها ، ومنهجاً لتزكية النفس وتهذيبها ، بحيث تحول إلى عبادة يمارسها الإنسان بطريقة فردية