حيث أشار « عليه السلام » في قوله هذا إلى أحد الركنين الذين تقوم عليهما الإمامة ، ألا وهو العلم الخاص الذي تلقاه « عليه السلام » عن آبائه الطاهرين « عليهم السلام » عن رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وقد أسند ذلك إلى الجفر والجامعة الذين لا يملكهما أحد سواه حتى الخليفة المأمون . النموذج الثالث : المهدية وعلامات الظهور : لقد روى المسلمون على اختلاف طوائفهم أحاديث كثيرة جداً عن رسول الله « صلى الله عليه وآله » تبلغ المئات وربما الألوف حول المهدي من أهل البيت « عجل الله تعالى فرجه » ، وأحواله ، وعلامات ظهوره ، وما يجري في أيامه . وقد روي عن الأئمة الأطهار من أهل البيت « عليهم السلام » الشيء الكثير والكثير جداً من ذلك أيضاً . ويكفي أن نذكر : أنه قد ادّعى الكثيرون المهدية لأنفسهم في حياة الصحابة والتابعين ، ثم من بعدهم ، ولم ينكر عليهم أحد ، ولا ناقشهم أي من الناس في أصل الاعتقاد بالمهدية . وإنما انصب النقاش حول تطبيق هذا اللقب على هذا الشخص أو ذاك ، بل إن بعض من ادّعى هذا الأمر قد بايعته الأمة بمختلف فئاتها في معظم الأقطار والأمصار ، ولم يمتنع عن بيعته سوى الإمام الصادق « عليه السلام » وشيعته [1] . بل إن المعتزلة الذين أفرطوا في الاعتماد على العقل وقياس أحكام
[1] راجع كتابنا : الحياة السياسية للإمام الرضا « عليه السلام » ص 82 و 83 ودراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج 1 ص 47 - 56 .