« عليه السلام » حداً جعل البعض - حسداً ، أو حقداً ، أو جهلاً أو سياسة يتهمونه - والعياذ بالله - بالكذب ، وحديث الخرافة [1] وما ذلك إلا من أجل أن يُفهِم الناس أنه يأخذ علمه من الرسول الأكرم « صلى الله عليه وآله » الذي اختصه بما لم يخص أحداً سواه . وذلك لأن الله سبحانه هو * ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ) * [2] من يرتضيه من أفراد الأمة ، ومَنْ غير الأئمة يفوز بهذا الحظ العظيم والشرف الباذخ . علي عليه السلام في العراق : والأمر الذي لابد من الإلماح إليه ولو بإيجاز هو : أنه لم يكن أهل العراق يعرفون أمير المؤمنين « عليه السلام » حق معرفته ، ولا كانوا قد تربّوا على نهجه ، ولا اطلعوا على أطروحته ، وإنما عرفوا الإسلام من قبل آخرين ، ممن هم في الخط الأخر المناوئ له « عليه السلام » . وحتى معرفتهم هذه للإسلام ، فإنها كانت ظاهرية وقشرية ، وإنما تعمقت وتأصلت بفضل جهوده هو « عليه السلام » ، حتى ليقول مخاطباً لهم : « وركزت فيكم راية الإيمان ، وعرفتكم حدود الحلال والحرام » [3] . ولأجل ذلك ، فقد كان من الطبيعي أن يشدّد عليه الصلاة والسلام كثيراً على أمر النص ، ويركّز على أن النبي الأكرم « صلى الله عليه وآله » قد اختصه بعلوم لم تكن لدى أحد من الناس غيره « عليه السلام » وهي علوم الإمامة . ولكن الملفت للنظر هو أننا نجده « عليه السلام » يهتم بإظهار علومه
[1] ذكرنا نبذة عن هذا الأمر في كتاب علي « عليه السلام » والخوارج . [2] الآيتان 26 و 27 من سورة الجن . [3] نهج البلاغة ( بشرح عبده ) ج 1 ص 153 . وراجع : ما قاله أبو أيوب الأنصاري لأهل العراق في كتاب : الإمامة والسياسة ج 1 ص 152 و 153 .