وانبرى الامام قائلا : " بحق عشر الآيات التي أنزلها الله على موسى بن عمران في التوراة هل تجد صفة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين في التوراة منسوبين إلى العدل والفضل ؟ " ولم يسع رأس الجالوت إلا الاقرار والاعتراف بذلك ، واخذ الامام يتلو في سفر آخر من التوراة ، وقد بهر رأس الجالوت من اطلاع الامام ومن فصاحته وبلاغته ، وتفسيره ما جاء في النبي وعلي وفاطمة والحسنين ، فقال رأس الجالوت : " والله يا بن محمد لولا الرياسة التي حصلت لي على جميع اليهود لآمنت بأحمد ، واتبعت أمرك ، فوالله الذي أنزل التوراة على موسى ، والزبور على داود ، ما رأيت اقرأ للتوراة والإنجيل والزبور منك ، ولا رأيت أحسن تفسيرا وفصاحة لهذه الكتب منك " . وقد استغرقت مناظرة الامام معهم وقتا كثيرا حتى صار وقت صلاة الظهر فقام ( عليه السلام ) فصلى بالناس صلاة الظهر ، وانصرف إلى شؤونه الخاصة ، وفي الغد عاد إلى مجلسه ، وقد جاءوا بجارية رومية لامتحان الإمام ( عليه السلام ) ، فكلمها الامام بلغتها ، والجاثليق حاضر ، وكان عارفا بلغتها ، فقال الامام للجارية : " أيما أحب إليك محمد أم عيسى ؟ . . . " فقالت الجارية : " كان فيما مضى عيسى أحب إلي : لأني لم أكن اعرف محمدا : وبعد أن عرفت محمدا فهو أحب إلي من عيسى . . " . والتفت لها الجاثليق فقال لها : " إذا كنت دخلت في دين محمد فهل تبغضين عيسى ؟ . . " . وأنكرت الجارية كلامه فقالت : " معاذ الله بل أحب عيسى ، وأومن به ، ولكن محمدا أحب إلي . . . " . والتفت الامام إلى الجاثليق فطلب منه ان يترجم للجماعة كلام الجارية ، فترجمه لهم ، وطلب الجاثليق من الامام ان يحاجج مسيحيا من السند له معرفة بالمسيحية ، وصاحب جدل ، فحاججه الامام بلغته ، فآمن السندي بالاسلام ، وأقر للإمام ( عليه السلام ) بالإمامة ، وطلب ( عليه السلام ) من محمد بن الفضل أن يأخذه إلى الحمام ليغتسل ، ويطهر بدنه من درن الشرك ، فأخذه محمد إلى الحمام ، وكساه بثياب نظيفة ، وأمر الامام بحمله إلى يثرب ليتلقى من علومه ، ثم ودع الامام أصحابه