كان الإمام موسى ( عليه السلام ) يخلص لولده الامام كأعظم ما يكون الاخلاص ، فقدمه على بقية أبنائه ، وجعله القائم من بعده ، وأوصى له بهذه القطعة من الأرض - كما يقول الشبراوي - ولم يكن الامام مدفوعا بدافع الحب المنبعث عن العواطف والأهواء وانما كان من أجل أن ولده قاعدة من قواعد الاسلام ، وانه أحد أوصياء الرسول الأعظم الذين نص عليهم حسبما تواترت الاخبار بذلك . 29 - أبو النواس : وكان ممن مدح الإمام ( عليه السلام ) أبو نواس الشاعر المشهور وقد قال الشعر فيه مرتين وأجاد فيهما ، وهما : 1 - إن الشعراء المعاصرين للامام قالوا فيه الشعر ومدحوه سوى أبي نواس فعوتب على ذلك [1] فقال هذه الأبيات الرائعة : قيل لي أنت أوحد الناس طرا * في فنون من المقال النبيه لك من جوهر الكلام نظام * يثمر الدر في يدي مجتنيه فلماذا تركت مدح ابن موسى * والخصال التي تجمعن فيه قلت : لا اهتدي لمدح إمام * كان جبريل خادما لأبيه وهذه الأبيات الشائعة الذكر قد حفظها الناس جيلا بعد جيل واعتبروها من روائع الشعر العربي ، لأنها عبرت عن أحاسيسهم تجاه أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وما يحملون لهم من اكبار وتعظيم ، ومن الطريف أن الذهبي الذي عرف بالحقد على أهل البيت قد علق على البيت الأخير من هذه الأبيات بقوله : " قلت : هذا لا يجوز اطلاقه من أن جبريل خادم لأبيه والنص معدوم فيه . . . وقد كذبت الرافضة على علي الرضا . . " [2] . ان لأهل البيت ( عليهم السلام ) منزلة كريمة عند الله تعالى فقد ناهضوا الضالين من حكام أمية وبني العباس ، وجاهدوا في الله كأعظم ما يكون الجهاد حتى
[1] ذكر ابن طولون في كتابه ( الأئمة الاثني عشر ) ص 98 - 99 ان أبا نواس عوتب على ترك مدح الامام ، فقال له بعض أصحابه : ما رأيت أوقح منك ، ما تركت خمرا ولا طودا ولا مغني إلا قلت : فيه شيئا ، وهذا علي بن موسى الرضا في عصرك لم تقل فيه شيئا ، فقال : والله ما تركت ذلك إلا اعظاما له ، وليس يقدر مثلي أن يقول في مثله ، ثم أنشد بعد ساعة هذه الأبيات . [2] تأريخ الاسلام 8 / ورقة 35 .