الشخص البيئة التي نشأ فيها الشخص ، وكانت البيئة التي عاش فيها الإمام الرضا ( عليه السلام ) تضم خيرة الرجال ، وخيرة العلماء الذين ينتهلون من غير علوم أبيه الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) . إن جميع عوامل التربية الرفيعة ، ومكوناتها الفكرية توفرت للامام أرضا ( عليه السلام ) ، فنشأ في إطارها كما نشأ آباؤه العظام الذين هم من ذخائر الاسلام . سلوكه : أما سلوك الإمام الرضا ( عليه السلام ) فقد كان أنموذجا رائعا لسلوك آبائه الذين عرفوا بنكران الذات ، والتجرد عن كل نزعة لا تمت إلى الحق والواقع بصلة . لقد تميز سلوك الإمام الرضا ( عليه السلام ) بالصلابة للحق ، ومناهضة الباطل ، فقد كان يأمر المأمون العباسي بتقوى الله تعالى ، وينعي عليه تصرفاته التي لا تتفق مع واقع الدين ، وقد ورم أنف المأمون من ذلك وضاق منه ذرعا فقدم على اقتراف أفظع جريمة وهي اغتيال الإمام ( عليه السلام ) كما سنوضح ذلك في غضون هذا الكتاب . وكان سلوكه مع أهل بيته وأخوانه مثالا آخر للصرامة في الحق ، فمن شذ منهم في تصرفاته عن احكام الله تعالى جافاه وابتعد عنه ، وقد حلف أن لا يكلم أخاه زيدا حتى يلقى الله تعالى حينما اقترف ما خالف شريعة الله . أما سلوكه مع أبنائه فقد تميز بأروع ألوان التربية الاسلامية خصوصا مع ولده الإمام الجواد ( عليه السلام ) ، فكان لا يذكره باسمه ، وانما كان يكنيه ، يقول : كتب إلي جعفر ، كنت كتبت إلى أبي جعفر [1] كل ذلك لتنمية روح العزة والكرامة في نفسه .