قيل لهم : ان الله تبارك وتعالى الزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني ، وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين ، والدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم الشائع ، وهو الذي خاطب الله به الخلق فكلمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوا ، فقد يقال للرجل : كلب ، وحمار وثور ، وسكرة ، وعلقمة ، وأسد ، كل ذلك علي خلافه وحالاته لم تقع الأسامي على معانيها التي كانت بنيت عليها لان الانسان ليس بأسد ، ولا كلب ، فافهم ذلك رحمك الله . وانما سمي الله تعالى بالعلم [1] بغير علم حادث علم به الأشياء ، استعان به على حفظ ما يستقبل من أمره والروية فيما يخلق من خلقه ، ويفسد ما مضى مما افنى من خلقه ، مما لو لم يحضره ، ويغيبه كان جاهلا ضعيفا كما انا لو رأينا علماء الخلق انما سموا بالعلم لعلم حادث [2] إذ كانوا فيه جهلة ، وربما فارقهم العلم بالأشياء فعادوا إلى الجهل ، وانما سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا ، فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العالم ، واختلف المعنى على ما رأيت . وسمي ربنا سميعا لا بخرق فيه يسمع الصوت ، ولا يبصر به كما أن خرقنا الذي به نسمع لا نقوى به على البصر ، ولكنه أخبر انه لا يخفى عليه شئ من الأصوات ، ليس على حد ما سمينا نحن ، فقد جمعنا الاسم بالسمع ، واختلف المعنى وهكذا البصر لا بخرق منه أبصر ، كما انا نبصر بخرق منا لا ننتفع به في غيره ، وهكذا البصر لا بخرق منه أبصر ، كما انا نبصر بخرق منا لا ننتفع به في غيره ، ولكن الله بصير لا يحتمل [3] شخصا ، منظورا إليه ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء ولكن قائم [4] يخبر أنه حافظ كقول الرجل : القائم بأمرنا فلان ، والله هو القائم على كل نفس بما كسبت ، والقائم أيضا كلام الناس : الباقي ، والقائم أيضا يخبر عن الكفاية ، كقولك للرجل قم بأمر بني فلان أي أكفهم ، والقائم منا قائم على ساق ، فقد جمعنا الاسم ، ولم يجمعنا المعنى وأما اللطيف فليس على قلة وقصافة وصغر ، ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء ، والامتناع من أن يدرك كقولك للرجل : لطف عني هذا الامر ،
[1] في نسخة بالعالم وهو الأصح . [2] في التوحيد " سموا بالعالم لعلم حادث إذ كانوا قبله جهلة . [3] في التوحيد " لا يجهل شخصا " . " [4] في التوحيد " ولكن أخبر أنه قائم يخبر أنه حافظ " .