" جعلت فداك ، فإنه يعلم أنه يكون أحدهما دون الآخر . . . " . فقال الامام : " لا بأس ، فأيهما يكون الذي أراد أن يكون ، أو الذي لم يرد أن يكون ؟ . . . " . وراح سليمان يتخبط خبط عشواء ، لم يدر ما يقول ، وما يترتب على كلامه من التهافت فقال : " أراد الذي أن يكون . . . " . وغرق القوم في الضحك ، وضحك الإمام الرضا ، والمأمون ، فقال الامام : " غلطت ، وتركت قولك : إنه يعلم أن أنسانا يموت اليوم ، وهو لا يريد أن يموت اليوم ، وانه يخلق خلقا ، وانه لا يريد أن يخلقهم ، وإذا لم يجز العلم عندكم بما لم يرد أن يكون ، فإنما يعلم أن يكون ما أراد أن يكون ؟ . . . " . وراح سليمان يوجه ما قاله : " فإنما قولي : إن الإرادة ليست هو ولا غيره . . . " . وانبرى الامام يدله على تناقض قوله : " إذا قلت : ليست هو فقد جعلتها غيره ، وإذا قلت : ليست هي غيره ، فقد جعلتها هو . . " . وقال سليمان : " كيف فهو يعلم - أي الله - كيف يصنع الشئ ؟ . . . " . " نعم . . " . " فان ذلك اثبات للشئ . . " . فأجابه الامام بمنطق الحكمة والعلم قائلا : " أحلت - أي تكلمت بالمحال - لان الرجل قد يحسن البناء وان لم يبن ، ويحسن الخياطة ، وإن لم يخط ، ويحسن صنعة الشئ ، وان لم يصنعه ابدا . يا سليمان هل تعلم أنه واحد لا شئ معه ؟ . . . " . " نعم . . . " . " فيكون ذلك اثباتا للشئ . . . " . وأنكر سليمان ما قاله سابقا . " ليس يعلم أنه واحد لا شئ معه . . . " . فأجابه الامام :