سل يا عمران ، وعليك بالنصفة ، وإياك والخطل [1] والجور . . " . وأطرق الصابئ بوجهه إلى الأرض ، وقال بنبرات تقطر أدبا وإجلالا للامام : " والله يا سيدي ما أريد الا أن تثبت لي شيئا أتعلق به فلا أجوزه . . " لقد أعرب الصابئ عن نواياه الحسنة وانه يريد الحقيقة ، والوصول إلى الواقع ، ولا صلة له بغير ذلك ، فقال ( عليه السلام ) : " سل عما بدا لك . . . " . وكان المجلس مكتظا بالعلماء والقادة ، وفي طليعتهم المأمون فانضم بعضهم إلى بعض ، وانقطعوا عن الكلام ليسمعوا أسئلة الصابئ وجواب الامام عنها ، وتقدم الصابئ بأسئلته . س : 1 - اخبرني عن الكائن الأول ، وعما خلق . . " أما المسؤول عنه في هذه الكلمات فهو الشئ الأول والمادة الأولى التي خلق الله تعالى الأشياء منها ، وليس المسؤول عنه وجود الله المبدع العظيم فإنه من الأمور الواضحة التي لا يشك فيها من يملك وعيه وإرادته ، فإن جميع ما في الكون تدلل على وجود خالقها فإنه من المستحيل أن يوجد المعلول من دون علته . . . ولنستمع إلى جواب الإمام ( عليه السلام ) عن هذه المسألة . ج 1 - أما الواحد فلم يزل واحدا كائنا ، بلا حدود ، ولا أعراض ، ولا يزال كذلك ، ثم خلق خلقا مبتدعا مختلفا بأعراض وحدود مختلفة ، لا في شئ أقامه ، ولا في شئ حده ، ولا على شئ حذاه ، ومثله له ، فجعل الخلق من بعد ذلك صفوة ، وغير صفوة ، واختلافا وائتلافا ، وألوانا وذوقا وطعما لا لحاجة كانت منه إلى ذلك ، ولا لفضل منزلة لم يبلغها إلا به ولا رأي لنفسه فيما خلق زيادة ولا نقصانا . . " وحكى هذا المقطع من جواب الإمام ( عليه السلام ) ما يلي . أولا : ان الله تعالى واحد لا شئ معه ، وهو مجرد من الحدود والاعراض التي هي من صفات الممكن ، فهو كائن واحد ، ما زال ولا يزال ، وليست وحدته عددية أو نوعية أو جنسية ، وانما بمعنى عدم ارتباطه بأي شئ مادي أو غير مادي ، فهو بمرتبة من الكمال لا يشابهه أي شئ من الممكنات التي نسبتها إليه نسبة الصانع إلى المصنوع ، فتبارك الله . ثانيا : إن النظرة البدوية في الأشياء أن كل صورة لا بد لها من مادة تقوم وتحل