ثم عاد وسجنه بعد ذلك بحجة أنه كان يجبى إليه الخراج ، ثم يدس إليه السم ، ويتخلص منه ، وذلك هو مصير أكثر الأئمة على يد الخلفاء قبله وبعده . وأما في زمن المأمون ! وأما في زمن المأمون : فقد كان الأمر أعظم ، وأمر ، وأدهى ، حيث قد شملت الثورات والفتن الكثيرة من الولايات والأمصار ، حتى لم يعد يعرف المأمون من أين يبدأ ، ولا كيف يعالج . وأصبح يرى ، ويؤلمه أن يرى مصيره ، ومصير خلافته في مهب الريح ، تتقاذفه الأنواء ، ويضري به الأعصار . عقدة الحقارة لدى العباسيين : وكان ذلك بطبيعته يزيد من رعب العباسيين ، ويضاعف من مخاوفهم . . سيما بملاحظة أنهم كانوا يعيشون عقدة الحقارة والمهانة . يقول أبو فراس مشيرا إلى ذلك : ثم ادعاها بنو العباس ملكهم * وما لهم قدم فيها ولا قدم لا يذكرون إذا ما معشر ذكروا * ولا يحكم في أمر لهم حكم ولا رآهم أبو بكر وصاحبه * أهلا لما طلبوا منها وما زعموا فهل هم يدعوها غير واجبة * أم هل أئمتهم في أخذها ظلموا وقد كتب أبو مسلم للمنصور ، من جملة رسالة له : " . وأظهركم الله بعد الاخفاء ، والحقارة والذل ، ثم استنقذني بالتوبة الخ [1] . " .