أن السفاح ، من أول عهده كان قد وضع الجواسيس على بني الحسن ، حيث قال لبعض ثقاته ، وقد خرج وفد بني الحسن من عنده : " قم بإنزالهم ولا تأل في ألطافهم ، وكلما خلوت معهم ، فأظهر الميل إليهم ، والتحامل علينا ، وعلى ناحيتنا . وأنهم أحق بالأمر منا ، وأحص لي ما يقولون ، وما يكون منهم في مسيرهم ، ومقدمهم [1] . " . وقد تنوعت هذه المراقبة ، وتعددت أساليبها بعد عهد السفاح ، يظهر ذلك لكل من راجع كتب التاريخ [2] . خوف المنصور من العلويين ومما يدل على مدى تخوف العباسيين من العلويين وصية المنصور لولده المهدي ، التي يحثه فيها على القبض على عيسى بن زيد العلوي ، يقول المنصور : " . يا بني ، إني قد جمعت لك من الأموال ما لم يجمعه خليفة قبلي ، وجمعت لك من الموالي ما لم يجمعه خليفة قبلي ، وبنيت لك مدينة لم يكن في الإسلام مثلها . ولست أخاف عليك إلا أحد رجلين : عيسى بن موسى ، وعيسى بن زيد . فأما عيسى بن موسى ، فقد أعطاني من العهود والمواثيق ما قبلته ، ووالله ، لو لم يكن إلا أن يقول قولا لما خفته عليك ، فأخرجه من قلبك ، وأما عيسى بن يزيد ، فانفق هذه الأموال ، واقتل هؤلاء الموالي ، واهدم هذه المدينة ، حتى تظفر به ،
[1] الطبري ، طبع ليدن ج 11 ص 752 ، والعقد الفريد ، طبع دار الكتاب العربي ج 5 ص 74 ، وتاريخ التمدن الإسلامي ، وغير ذلك . . [2] وقد اعترف المنصور نفسه بهذه المراقبة في بعض خطبه : فراجع : الطبري ج 10 ص 432 ، ومروج الذهب ج 3 ص 301 .